سقيا المزارع بمياه الصرف الصحي

نشرت إحدى الصحف أن اللجنة الميدانية لمراقبة سقيا المزارع بمياه الصرف في الطائف جرَّفت محاصيل (17) مزرعة، اتضح لها أنها تسقى بمياه الصرف بمواقع متعددة، وبنت ذلك على نتائج الفحص المخبري للعينات وعددها (194) عينة من (38) مزرعة، وكانت هذه المزارع تنتج الورقيات والخضروات.
وموضوع الورقيات والخضروات يؤرق الناس فلا هم يستطيعون الاستغناء عنها، ولا يوجد عليها ما يثبت خلوها من التلوث الناتج عن السقيا بالمياه الملوثة، وهذا ليس قصراً على الطائف، بل يكاد يعم كل المناطق، وأكثر من يتولى الزراعة عمالة فاقدة للضمير، والرقابة ليست شديدة، والأمراض التي تسببها هذه المنتوجات كلها أمراض خطرة، وقد كتبتُ قبل عدة سنوات عن مثل هذا في الطائف، ولكن قرأت فيما بعد أن العمالة عادت للسقيا بالمياه الملوثة وبخاصة في وادي العرج.
الغذاء لا يقل عن الدواء في الرقابة، بل إن الغذاء الصحي سوف يغني عن الدواء، وإذا كانت الأمانة مفقودة عند عمالة تحرص على الكسب الكثير السريع، فإن الرقابة أمانة في يد من أسندت إليه، وليت البلديات توجد مختبرات في الأسواق يذهب إليها من يشك في سلامة الخضروات ويبلغ الأمانات البلدية بالنتائج، صحيح أن هذه المختبرات موجودة في بعض الأسواق، ولكن لا يكاد يُعرف مكانها، ولا لوحات إرشادية عنها.
للأسف أن بعض المزارع محاطة بأسوار لا تُدخل إلا إذا فتحت العمالة الأبواب، وبعضها يسحب مياه الصرف على أعين الناس، ولذا فإن التجريف غير كافٍ، لابد من معاقبة صاحب المزرعة والعمالة لأن هذا عدوان على الصحة العامة، وتَسبُّب في حدوث الأمراض الخطرة، إنه جريمة في حق الإنسان.
يساور المستهلك القلق من الفواكه والخضار المستوردة التي تُحلل عينات منها، وبعضها يأتي من بلدان فقيرة في المياه مما يرجح السقيا بالمياه العكرة، والحال كذلك في الإنتاج المحلي بعد انتشار السقيا بمياه الصرف، وتجريف 17 مزرعة لا يعني أنه لا يوجد غيرها، ولذا لابد من الرقابة اليومية، وأن توجد مختبرات في الأسواق ليتأكد من كان عنده شك فيما يشتريه، ولا مجاملة ولا رأفة فيما يسبب أمراضاً خطرة تكلف الناس حياتهم.