Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ثامنة داود ونظرية «البقرة الحلوب»

مازال الجدل يدور حول حلقة ثامنة داود التي استضاف فيها ثلاثة من المسؤولين الكبار لمناقشة القرارات الأخيرة بإلغاء كثير من بدلات موظفي الدولة المدنيين والعسكريين، خصوصًا ما يتصل بما قيل من أن إحصاءات بين

A A
مازال الجدل يدور حول حلقة ثامنة داود التي استضاف فيها ثلاثة من المسؤولين الكبار لمناقشة القرارات الأخيرة بإلغاء كثير من بدلات موظفي الدولة المدنيين والعسكريين، خصوصًا ما يتصل بما قيل من أن إحصاءات بينت أن إنتاجية الموظف السعودي لا تتجاوز ساعة يوميًا وذلك أمر مبالغ فيه وينافي الواقع، لأن هذا التقدم والتطور الذي حدث خلال سنوات قليلة، ما كان ليحدث لولا فضل الله تعالى ثم ما بذلته السواعد السعودية من جهد غير عادي حكومةً وشعبًا.. وما كان يكفي لتحقيقه أبدًا إنتاجية ساعة واحدة في اليوم، مهما قيل من أن هناك إحصائيات بذلك أوأن المقصود هومتوسط إنتاجيات العاملين، وليس ذلك في حد ذاته مبررا يُقال للحد من البدلات لأنه يطبق نظرية: «البقرة الحلوب»، التي ظهرت في أمريكا في الثمانينيات وقرأنا عنها في علم الإدارة، وقد رفضها علماء الإدارة والاجتماع والسياسة وقتها، وهي تقوم على حساب ما تُكلِّفه البقرة من علفٍ، وما تنتجه من حليب، وعليه يستغنى عنها إن زادت تكاليفها عن إنتاجها، ببيعها أوذبحها، وقالوا: إن من غير المناسب أن تطبق تلك النظرية على إنتاجية البشر العاملين، كما كان من غير المقبول أن يلقى باللائمة على مخصصات الموظفين في اتجاه الدولة إلى الإفلاس كما قيل في الحلقة صراحةً؛ من أن الوضع الحالي لواستمر ثلاث سنوات أُخر، فإن الإفلاس حاصل لا محالة، ذلك لأن 90% من ميزانية الدولة تذهب للمرتبات والديون، وفي ذلك مغالطة كبيرة لأن الحديث عن المرتبات والديون معًا في سلة واحدة يشبه -كما يقول الأمريكان- الحديث عن البرتقال والتفاح كأنهما شيء واحد.
فمعلوم أن المرتبات تستهلك حاليًا من 35 إلى 40% من ميزانية الدولة كما ذُكر في حيثيات رؤية 2030، والهدف هوتخفيضها لتصبح من 25 إلى 30%، ومعنى ذلك أن نسبة الـ90% تتضمن 35% رواتب، و55% ديونًا تقريبًا، وإن كان ذلك واقعًا، فما المانع من التصريح به بشفافية مطلقة، طالما نحن لم نتحرَّج من القول بأنا مقبلون على الإفلاس لا سمح الله، حرصًا على المصداقية والدقة. ومن الأمور المثيرة للعجب أيضًا ما ذُكر من أن عدد البدلات يزيد عن 150 بدلًا، لم يمسَّ منها إلا 26، ومن هذه الستة والعشرين سيعاد النظر في خمسة، منها: الإرهاب (ويقصد بذلك مكافحة الإرهاب بالطبع)، والتميز والندرة، وقال وزير الخدمة المدنية إنه نسي البدلين الآخرين، وهو أمر مستغرب أن يُنسى بدلان سيُعاد النظر فيهما، كما قال الوزير، ويترقب الشعب السعودي كله أمام الشاشة سماع أخبار محددة عن بدلات محددة سيُعاد النظر فيها، وهي قليلة جدًا مقارنة بأكثر من 150 بدلًا، وليت الوزير استعرض هذه البدلات الـ150 أويزيد، ليثبت للمشاهد أن ما أُلغي أقل بكثير مما بقي.
وقد حاول الكثيرون إحصاء أي بدلات بقيت، وذهب بعضهم إلى أن كل البدلات أوالغالبية منها قد ألغي، ولا يعرفون شيئًا عن 150 بدلًا يتحدث عنها الوزير، أما المسكوت عنه في الحلقة فكثير، ومن أهم المسكوت عنه العلاوة السنوية، فما علاقتها بإنتاجية الموظف؟ ولماذا توقفت لأول مرة، ولولسنة واحدة؟.
أما ثالثة الأثافي، فهوما قاله داود من أن عشر جامعات تكفي، «وليش خمس وعشرون»، وكأنه لا يعلم أن أعدادًا هائلة من أبنائنا وبناتنا ليست لهم مقاعد كافية في الجامعات الخمس والعشرين، فما بالك لوبقيت عشرًا فقط؟.
وخلاصة القول: كُنَّا نتمنى لووُضع المواطن أمام الحقائق المجرَّدة، دون أن نُنحي باللائمة عليه وعلى تقصيره وسوء أدائه لعمله، وإنتاجيته التي لا تتجاوز ساعة في اليوم..!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store