ابن الوز عوام

كثير من الأبناء حملوا مهنة آبائهم وأجدادهم بالوراثة وتعاقبوا عليها ومعظم هذه المهن هي مهن حرفية مثل النجارة والحدادة وغيرهما وتجد هذا واضحًا في الكثير من الدول العربية المجاورة ويمثل واقعًا حقيقيًا لمعنى المثل الشهير ابن الوز عوام، ولكنه لم يكن أبدًا وليد للصدفة بل هو عمل يتعلمه الابن منذ نعومة أظفاره فيكتسب المهارة بالممارسة والتعلم، وعندما تطورت عجلة الحياة وتطور معها التعليم تطورت الكثير من المهن الأخرى كالطب والهندسة والتكنولوجيا وغيرها وامتهنت بما يتناسب الاحتياج والمواكبة، وأيضًا شاهدنا معها ابن الطبيب يكون طبيبًا وابن المهندس مهندسًا وابن الضابط ضابطًا وغيرها في توارث ولكن بشكل آخر ومتطور.
وهذه المهن غير الحرفية والتي لا تتبع لأي نهج وراثي ولا جيني بدأت تطفو على سطح مجتمعنا بشكل ملحوظ ومباشر وأصبحت الوظائف تتوارث متماثلة مع المهن الحرفية وقد يكون البعض نجح في إثبات نفسه امتدادًا لمقولة هذا الشبل من ذاك الأسد، ولكن كيف نتأكد ونكون على يقين تام من أن هذا الشبل استحق فعلًا مكان أبيه الأسد دون أن يكون للأسد دور في وصوله إلى هذه المكانة الوظيفية على حساب غيره من زملائه الأشبال الآخرين المنتظرين لدورهم لهذه الوظائف!!
ليس هناك ضد في أن يكون الأقربون أولى بالمعروف وهذا يكون في النفقة وليس في تولي الوظيفة، وعنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرَكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي، وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ» والأصل في الإنسان الخير ولا يمنع أن يساعد أهله ولكن دون أن يكون ذلك تميزًا لهم على حساب الآخرين وخصوصًا في الأعمال والوظائف العامة وما قد ينتج عنها من مفاسد وشرور.
استغلال المنصب والنفوذ إن وجد في غير ما شرع له فهو إهدار كبير لثروات الدولة ونوع من الفساد العظيم الذي يجب أن يقمع ويحارب بكل قوة وحزم وأن يكون هذه الأمر محل عناية كل مسؤول ولا يسمح أو يتهاون في كشف أي نوع من هذا الفساد الوظيفي في أي قطاع حكومي أو خاص ويمنع المحسوبية والمحاباة على حساب الوطن ومقدراته ويعي حقيقة بأنه سوف يلاحق من قبل الجميع بدءًا من أجهزة الدولة المختصة مرورًا بمواقع التواصل الاجتماعي وصولًا إلى المصير المحتم لمثل هذا النوع من الفساد.
#النجاح_استعداد_وفرصة