المرأة بين الأمل والعمل

أجمل الكتابات التي كنت أحلّق بها هي تلك التي تناولت فيها تمكين المرأة في العمل، حيث كانت لي هاجسًا مثل قطر الندى، مزيجًا من صعود الرمال، وسلالم الغروب.. كتبت حروفها مدعوكة بسعف النخل الأخضر.. عن أحلام بلون الأرجوان كتبت في زمن وزير التجارة السعودي السابق عبدالله زينل مقالا بعنوان «مسكينة يا أحلام يا ابنتي ذنبك أنك أنثى» استعرضت فيه بعض المهن التي تمنع المرأة في بلادي من مزاولتها.. ولا ذنب لها في ذلك إلا لأنها أنثى!
اتفقنا أحيانًا واختلفنا في أحايين أخرى مع أصحاب القرار حول التغيّرات التي مكَّنت المرأة من مهن تضمن لها دخلا كريمًا، وكنت في كل مرة أحتفل بتغير القرارات مع نفسي في دروب العاصفة.
أتذكّر أنه عندما بدأت حياتي في العمل بالقطاع الخاص في مجتمع كان يعتبر عمل (المرأة) فيه يختلف عن التعليم والطب.. وفي مجتمع يعتبر صورتي في المقال عارًا على أهلي وجيراني.. لكنني مضيت أخرج كل فجر للعمل لأن العمل كان قصيدتي.. بعض الأعمال تنظم من أجلها القصائد وربما كان عملي غاية القصيدة، أو لأقل قصيدة الغاية، المهم أن قناعاتي بعمل المرأة ظل دائمًا رشفة ظمأ، وكم كان حزني يشتد كلما تذكرت أن بعضًا من مجتمعنا وقف ضدنا صارخًا لا يليق بالمرأة أن تكون بائعة في المستلزمات النسائية وكأنه يضع لنا معايير للعمل لا يجدر بنا أن نغيّرها أو نناقشها.. كان يحزنني أن امرأة منتجة وفاعلة وتشارك في تنمية اقتصاد البلد تقبل بمعونة شهرية من التنمية الاجتماعية تحت بند «عاطلة عن العمل». نعم أوهموها أن خروجها للعمل فساد وأن بقاءها معطلة بمعونة من الدولة أفضل لها ولا تملك من أمرها الكثير لتحيا كما تريد مع عملها.
أجرم البعض في حق عمل المرأة جعلوها تطلب المعونة ولا تعمل.. أبعدونا عن بعض ببند (لا يصلح) أو (لا يليق) وتجاهلوا أن باستطاعتنا تخطّي عقبة العمل لنكون صوتًا فاعلاً ومؤثرًا في ظل صمت الممانعين.
سيبقى عمل المرأة في بلادي لوحة من مدرسة فنية لم يُتَّفق بعد على تسميتها حتى الآن.. نشفت أوراقها وبقي (الواقع) يصهل في الداخل.. ويومًا بعد يوم أحتفل بحرفي وأحتفل بنساء وطني في كل المهن ولعل آخرها الموافقة على عملها في محلات البصريات والصيدليات وما أحوجنا لهذا.