Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

محمد سليمان الشبل وشخصية الأديب والمربي والإنسان

No Image

*حملت لنا الصفحات الثقافية ومنها ثقافية هذه الصحيفة الغراء خبرًا هامًا وهو أن قائمة المكرَّمين في مؤتمر الأدباء السعوديين المقبل هم من الشعراء الذين صدرت دواوينهم قبل 1400هـ، ومن الملفت للنظر أن الشخص

A A
*حملت لنا الصفحات الثقافية ومنها ثقافية هذه الصحيفة الغراء خبرًا هامًا وهو أن قائمة المكرَّمين في مؤتمر الأدباء السعوديين المقبل هم من الشعراء الذين صدرت دواوينهم قبل 1400هـ، ومن الملفت للنظر أن الشخصيات الشعرية المكرمة تتضمن أسماء أثرت الحركة الشعرية في بلادنا على اختلاف التيارات الشعرية التي ينتمون إليها، كلاسيكية كانت أو تجديدية كأحمد الصالح وسعد البواردي والدكتور عبدالعزيز خوجة وعبدالله باشراحيل وسعيد الحميد وعبدالرحمن العشماوي ومعيض البخيتان وعبدالله الحميد ومحمد الشبل، إضافة الى عدد من الشاعرات مثل سلطانة السديري وفوزية أبوخالد ومريم البغدادي.
*ولقد رحل عدد من الشعراء والأدباء قبل أن يكرموا من المؤسسات المعنية بمثل هذه الخطوة الحضارية وعندما انعقد مؤتمر الأدباء السعوديين الأول عام 1393م، كنا كطلاب في قسم اللغة العربية بكلية الشريعة بمكة المكرمة نحضر جميع فعالياته، ويتذكر هؤلاء الزملاء الكرام الدكاترة عثمان الصيني وسعيد السريحي وعالي القرشي وغيرهم، بأنه لم يكرم في ذلك المؤتمر شاعر كبير مثل طاهر زمخشري، فما كان من الإنسان النبيل والأديب الكبير حمد القاضي إلا أن يثأر لبابا طاهر فيكتب مقالًا يحمل عنوانًا مثيرًا وهو «ظلموك.. ظلموك إذ لم يكرموك»، وإن لم تخنِّي الذاكرة فقد نشر مقاله هذا بصحيفة عكاظ، ولعلي استعرت العنوان عندما كتبت عن أستاذنا الأديب عبدالله سلامة الجهني صاحب الأفكار البيضاء، والذي أهملت تكريمه المؤسسات المعنية بمثل هذه الالتفاتة التي تترك آثارًا إيجابية في نفس الشخصية المعنية، مع أن استاذنا الجهني -رحمه الله- كان قد هجر الحياة العامة واكتفى بالجلوس في المكتبات المشهورة والتي كانت تقوم في الجهة القبلية من المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة مثل عارف حكمت والمكتبة العامة وأداء الصلوات في الروضة الشريفة حيث يلتقي عالم الغيب بعالم الشهادة،وتتلقى الأرواح النفحات الربانية المنسكبة في النفوس والقادرة على تطهيرها من أدران الحياة وكُدُوراتها الدنيوية.
*ولعلي بعد هذه المقدمة أو التوطئة ألجُ إلى ما أردت الإشارة اليه وهو ذكر شيء عن شخصية الأستاذ الأديب والمربي محمد سليمان الشبل الذي عرفته الأجيال المتعاقبة في مكة المكرمة وفي أعرق مدارسها الثانوية،أعني الثانوية العزيزية.
كان المربي الشبل يُضرب به المثل في الشخصية التي رزقها الله القدرة على التعامل مع الأذواق والمشارب المختلفة وخصوصًا مع عقول الشباب الذين يعيشون عالمًا رومانسيًا حالمًا، حتى اذا ما دخلوا معترك الحياة وجدوا الحياة شيئًا مغايرًا ومختلفًا عن ذلك الذي رسموه في مخيلاتهم، وكان المربي الشبل لديه القدرة أيضًا على الاعتراف بالخطأ، فلقد وجه لومًا لطالب من طلاب العزيزية ثم اتضح له براءة الطالب، فما كان منه في اليوم الثاني لهذه الحادثة إلا أن يعترف أمام الطلاب وفي طابور الصباح بخطئه، وكان درسًا لآخرين لا يملكون اتساع صدر الشبل وعقله وقدرته الفائقة على ترك الآثار الإيجابية في نفوس مريديه.
* وقد عرفت شخصية تربوية أخرى في البلد الحرام وهو المرحوم الأستاذ عبدالله البليهد، فلقد شاءت الأقدار بعد حصولي على درجة البكالوريوس أن أُعيَّن مدرسًا في أم القرى المتوسطة بحارة جرول، وكان المربي المرحوم البليهد استلم إدارة المدرسة من أستاذ الجميع الشيخ صالح آل الشيخ، وكان البليهد قادرًا هو الآخر على احتواء الآخرين فحدث أن غضب أحد الأساتذة لسبب أو آخر، وعلم البليهد أن الزميل الكريم يجلس معنا في معظم الليالي في حانوت الأستاذ والمربي محمد نور مقصود أمام مدخل حي المسفلة وفجأة وجدنا المرحوم البليهد يوقف سيارته بالقرب منا ثم يتقدم للسلام على الزميل إياه بحرارة وصدق ثم يأخذ بكل بساطة وعفوية كرسيًا ويشاركنا الجلسة، وأخال أن زيارته لنا كانت في ليلة دخول شهر الصوم المبارك.
نعم لقد كان الشبل والبليهد وأشباه ونظائر لهم أمثلة حية لما يفترض أن تكون عليه شخصية المربي الحصيف والذي يعرف أن بإمكان الشخص المسؤول أن يعالج ويداوي نفسية الطالب والمدرس على حد سواء بالكلمة الطيبة والابتسامة الصادقة والتواصل الإنساني.
ولعل شخصية المربي طغت على شخصية الشاعر عند أستاذنا الشبل.
* وتتضمن مصادر الأدب السعودي الرئيسة مثل «التيارات الأدبية» للناقد عبدالله عبدالجبار و» شعراء نجد المعاصرون» لأستاذنا الرائد والأديب عبدالله بن ادريس ومضات ٍ نقدية هامة من شعر الرائد الشبل، حيث ذكر أستاذنا ابن إدريس في ترجمته للأستاذ الشبل بأنه «أُغرِم منذ صغره بمطالعة الكتب الأدبية شعرًا ونثرًا، والقديم منها بصفة خاصة، ثم أخذ يتجه نحو الجديد المعاصر وعلى وجه التحديد صوت الأدب المهجري ومدرسة جبران منه بالذات».
(شعراء نجد المعاصرون، عبدالله بن إدريس ط1، 1380هـ - 1960م،ص 126-173).
*وفي هذا السياق يمكن القول إنَّ عددًا كبيرًا من شعراء وأدباء تلك الفترة وقعوا تحت تأثير الأدب المهجري، ويُستثنى من ذلك الرائدان الكبيران حمزة شحاتة وحسين سرحان، حيث كان تأثير الأدب العربي القديم عليهما كبيرًا وانعكس على ما دوَّناه شعرًا ونثرًا.
رحم الله من ذهب وبارك في من بقي.


جبران خليل جبران


طاهر زمخشري



د.عثمان الصيني



عبدالله بن إدريس



حمد القاضي
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store