Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التوعية القانونية غير الصحيحة : آثار وتداعيات

تُعتبر التوعية القانونية والحقوقية بمثابة التأمين على حقوقنا، والتي يجب أن يعرف كل فرد من أفراد مجتمعنا بها ليعلم جيداً ما له من حقوق وما عليه من واجبات .

A A
تُعتبر التوعية القانونية والحقوقية بمثابة التأمين على حقوقنا، والتي يجب أن يعرف كل فرد من أفراد مجتمعنا بها ليعلم جيداً ما له من حقوق وما عليه من واجبات .
وعلى ضوء ذلك، هناك العديد من البرامج التي أطلقت من أجل نشر ثقافة الوعي القانوني في المجتمع نظراً لكون جميع الأفراد ملزمين بتطبيق القانون سواء كانوا على علم بالأنظمة أو غافلين عنها، كما يتوّجب عليهم سلك الطرق الصحيحة للمطالبة بحقوقهم والمحددة بضوابط معينة. ومن أبرز هذه البرامج ما قامت وزارة العدل بتفعيله في الآونة الأخيرة من شرح لطرق التقاضي وإجراءات تقديم الدعاوى لدى المحاكم والأفعال التي قد يعتقد البعض أنّ ارتكابها لا يُرتب عليهم أي مسؤوليات مع أنّها تُعتبر جرائم وانتهاكات بنظر القانون. لذلك، يجب أن تكون التوعية منقسمة إلى شقين رئيسين؛ أولاً معرفة المجتمع بالقوانين والحقوق ومن ثم الإلمام بكيفية المطالبة بهذه الحقوق . فمن المهم تعريف جميع فئات المجتمع بحقوقهم وواجباتهم على اختلاف مستوياتهم التعليمية والاجتماعية، فجميعنا مرتبطون بالقانون بشكل أو بآخر، فهو المنظّم لمختلف جوانب حياتنا من خلال سنّ الأنظمة التي بتطبيقها نساهم جميعاً بجعل مجتمعنا مكاناً أفضل للعيش فيه. وعليه، يجب أن يتم إيصال هذه التوعية إليهم عبر جميع الوسائل والقنوات الممكنة، دون أن يكون هنالك عقبات تمنع ذلك أو تحد منه أو تتسبب بتزييف الحقائق أو تشويه صورة الآليات المعمول بها على أرض الواقع. فتأثير التوعية الحقوقية والقانونية على المجتمع كبير جداً ويساهم في رفع العبء عن القضاء أو التسبب في زيادته.
كما أنّ التوعية القانونية غير الصحيحة والتي تنقل للمتلقي صورة خاطئة عن حقيقة الأمور القضائية خاصةً، تعمل على تعقيد الأمور المتعلقة بهذا الصدد. فعلى سبيل المثال، يتخيل البعض أنّ إجراءات التقاضي سهلة ومبسطة ولا تستغرق الكثير من الوقت، مما يجعلهم مستسهلين لفكرة إقامة دعوى عند حدوث أي نزاع متعلق بهم بدلاً من محاولة اللجوء للطرق الودية أولاً لإنهاء هذه الخلافات. وهنالك من يقوم بتوكيل محامٍ في أمر ما، ومن ثم يُشكك في قدراته بربح الدعوى أو يلومه بأنّه لم يبذل العناية المطلوبة إذا تأخر البت فيها أو تطلّب الأمر المزيد من الإجراءات لإنهائها لسبب إجرائي روتيني لا يتم إيصاله وإيضاحه عند الحديث عن التوعية القانونية بإجراءات التقاضي، فالواقع الحقيقي يختلف اختلافاً كبيراً عما يصوره الإعلام ويعكسه. فكم من عميل ألقى اللوم على محامٍ مدعياً بأنه شاهد وقرأ بأنّ الإجراءات لا تطول إلى هذا الحد ولا تأخذ هذا المنحنى من الصعوبة أو التعقيد..
إن من أكبر المشاكل التي تنشأ جرّاء هذه التوعية غير المكتملة اعتقاد البعض بأنّهم على دراية أكبر بأمور التقاضي من المختصين بهذا الشأن، مما يُعزز فرصة العمل لغير المختص في هذا المجال! وبعد مباشرتهم لدعواهم أصالةً عن أنفسهم أو وكالة عن الغير يجدون أن الأمر مختلف كلياً عما كانوا يتصورون! وقد تحدثت في مقالاتي السابقة عن هذا الأمر وذكرت بأن من ضمن دور المحاميات والمحامين والمستشارين القانونيين الاستشعار الداخلي بأهمية دورهم في المجتمع وعظم الأمانة الملقاة على عاتقهم، مما يوّلد لديهم الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية والعمل على توعية المجتمع كلاً حسب تخصصه، بذلك، ستكون التوعية منبثقة من أهل الخبرة والتخصص العلمي.
أخيراً، أتمنى أن يتم نشر الثقافة والتوعية القانونية بشكل أوسع في مجتمعنا حتى يعلم جميع أبناء المجتمع بها ويدركوا أهميتها في نهضة المجتمع وتطوره. كما أنّ هذه التوعية تساهم في حفظ حقوق الجميع والتي بدورها تساعد في أداء الحقوق بالوجه المطلوب. كما أرجو للوصول إلى هذه المرحلة من الرقي المجتمعي، أن تصدر التوعية من الجهات والأفراد المختصين فقط.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store