Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سعيد محمد بن زقر

سياسة التأشيرات

خواطر اقتصادية

A A
كثيراً ما أجد نفسي أستعيد الشعار الذي خاض به الرئيس بيل كلينتون حملته الانتخابية ضد الرئيس بوش الأب وكان (إنه الاقتصاد ياعبيط) والذي صاغه بذكاء (جيمس كاربيل) أحد أهم الاستراتيجيين في حملة الرئيس كلينتون ،حينها كانت الكفة ترجح فوز بوش الأب لسجله الحافل بالإنجازات في مقابل الشاب المغمور كلينتون ،ولكن بفضل الشعار الاقتصادي اكتسح كلينتون انتخابات 1992م ووصل البيت الأبيض مرتين ،وبالاقتصاد حقق شعبية لا زالت تخفي عيوبه التي نعرفها. والمقصد أن لابد من سياسات اقتصادية ذكية تغير مسار الاقتصاد وتحسنه وتطوره إلى الأفضل لأن الاقتصاد يلامس حياة الناس ويهم الفرد ،ولعل هذا البعد فات على الرئيس بوش الأب الذي حاول الاستناد الى إنجازه العسكري كطرد قوات صدام حسين من الكويت ،والسياسي بهزيمة الاتحاد السوفياتي في الحرب الباردة ،والاستراتيجي بتوحيد ألمانيا ،وقد فات عليه مخاطبة مقتضى الحال الاقتصادي للمواطن كأولوية برفع الأداء الاقتصادي وإعلانه تبني سياسات تستهدف زيادة الدخل وتنويعه وتصويب خلله. إن سياسة التأشيرات أو الاستقدام بالمملكة ليست استثناءً من حيث الحاجة للالتفات إليها بتطوير وتصويب وسائل جديدة في ظل حقيقة أن هناك أيدي عاملة أجنبية في المملكة تقدر بالملايين فلابد من ربط سياسة التأشيرات بالعلوم الاقتصادية لتقييم مدى استفادة الاقتصاد المحلي منها ،فالهجرة أو استقدام الأيدي العاملة من خارج الاقتصاد المعني لابد أن تخضع لسياسة محلية سعودية مواكبة تجيب على أسئلة المهارات التي يمكن استقدامها وتلك التي لا يحتاجها الاقتصاد الوطني وأيضاً من حيث التوازن في استقدام الجنسيات نفسها، لأن بعضها بلا مهارات ولذلك ستظل علة على الاقتصاد المحلي وهي أصلاً كانت عبئاً على اقتصاد بلادها ولذلك يتم التخلص منها إلى اقتصاد آخر ،وقد لا ترغب دولتها في عودة هذا العبء إليها.

ومن باب المقارنة أشير إلى أنه عندما تصدِّر الدولة عمالة ماهرة فإن اقتصادها المحلي يخسر لأن ذلك خصم على إنتاجية الموارد البشرية وستنعكس نقصاً في مهن المهندس والطبيب وقد كلفتها تعليماً وتدريباً بل قد يخسر اقتصادها عندما يصدِّر مُزارعاً ماهراً أو نجاراً أو سباكاً مدرَّباً ، فالعامل الماهر يعتبر رأسمال وقيمة مضافة للاقتصاد الذي يعمل فيه ،بينما العكس صحيح ،لهذا من باب أولى حاجة اقتصاد المملكة لمهارات تضيف قيمة للاقتصاد المحلي وليس العكس.

لهذا على من يهمه الأمر التأمل في العلاقة السببية بين سياسة الاستقدام وبين رفع الإنتاجيه في الاقتصاد، ولكي تكون سياسات الاستقدام فعالة ينبغي أن تبدأ بتصنيف العمالة الأجنبية إلى عامل منتج وماهر ومتعلم أو غير ماهر وغير متعلم ، مثلما ينبغي تصنيف الاستقدام وفق الجنسيات وكذلك تصنيف أسر العاملين الأجانب فالأسرة المتعلمة تضيف قيمة متى سمح لها بالعمل بينما التي لا تملك مهارات تظل عبئاً على اقتصادنا ،كما ينبغي التوازن في عدد المستقدمين من كل جنسية ومن كل دولة بحيث يتم التخلص من الذين لا يضيفون قيمة للاقتصاد وفق منهج علمي.

وعود على بدء، إن عبارة إنه (الاقتصاد يا عبيط ) اكتسبت شهرتها من إثبات فرضية أن الاقتصاد عامل حاسم في إدارة المعارك جميعاً فضلاً عن كسبها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store