Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد الثبيتي

عُمان الخليجية

A A
تميّزت السياسة الخارجية لسلطنة عُمان خلال عقود خلت بانتهاج سياسة « عدم الانحياز « قناعة منها بأن النزاعات الداخلية أولى بحلها الداخل بعيداً عن التدخلات الخارجية بغض النظر عن انعكاساتها على القضايا الإقليمية وارتباطها بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي ما برحت حبر ورقها وبالذات عندما تكون متعلقة بالشأن العربي والإسلامي ، وبعيداً عن وجهات النظر إزاء هذه السياسة ، لأننا لسنا هنا لتقييمها ،فقد أفرحنا التحوُّل الجذري في هذا الخط السياسي الذي أعاد السلطنة إلى محيطها الخليجي أولاً قولاً وفعلاً ونطاقها العربي والإسلامي ثانياً .

لقد جاء انضمام عُمان للتحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب في رسالة بعثتها السلطنة لمهندس التحالف وقائده الأمير محمد بن سلمان في خطوة عدّها المراقبون إيجابية لحماية اللحمة الخليجية وتعزيز تماسكها في ظل الأحداث الدراماتيكية الإقليمية والدولية التي لعب فيها الخبث السياسي وغُلّبت فيها المصالح الذاتية على كل الأعراف الإنسانية .

وما كان ذلك ليكون لولا النظرة الثاقبة للسلطان قابوس بن سعيد الذي تحمّل النأي بنفسه وببلاده خلال العقود الماضية عن التفاعل المباشر مع القضايا التي مرّت بها المنطقة ،إلا أن السيل وصل الزبى مع الانتهاكات التي لا يُقرها معتقد ولا يقبلها عُرف ؛ فالإبادة التي يتعرض لها العّزُل في سوريا بغطاء روسي نازي وصمت أمريكي غير مُستغرب إضافة إلى توهان العراق الذي لا يُعلَم فيه مَنْ يقتل مَنْ ؟ ناهيكم عن التدخل المجوسي في جارتها اليمن ومحاولة ايران السيطرة على منافذها الاستراتيجية في محاولة بئيسة لتطويق عدوها اللدود - من وجهة نظرها - لأن سياستها المبنية على تصدير الثورة تؤكد أن الخلاف مع إيران ليس خلاف مصالح بل إن الحقيقة التي تؤكدها الأحداث المتواترة أنه خلاف في أصل المعتقد .

لقد أثبتت الأيام أن هذا التحالف يُعد صمَام أمان ووقفة عملية بعيدة المدى للم شتات الأمة الإسلامية التي عانت الكثير من التشرذم الذي لم يحقق لها سوى المزيد من الضياع وعدم القدرة على التأثير في التحوّلات الإقليمية والدولية بل أخذت موقف المتفرج الذي لا حول له ولا قوة ، والمؤلم أن كل القرارات المتخذة تتعلق بشؤونها لا بشئون الذين يتخذونها بالنيابة عنها مما يُعمّق الألم في الانهزامية الداخلية لقياداتها التي لم تكن على مستوى الحدْث .. ولكن أن تصل متأخراً أفضل من ألاّ تصل أبداً وهذا ما يُحمد للأمير محمد بن سلمان الذي استطاع بروح الشباب أن يتجاوز التبعية السلبية ويحوّل مصدر القرار من الخارج للداخل في خطوة سيتبعها حتماً خطوات تُعزز الموقف الإسلامي الموحد في وجه التدخلات الدولية غير الموضوعية والمُسْتَهْدِفة تحقيق مصالحها وليس مصالحنا نحن كمسلمين .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store