Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

إعلان البراءة من أعداء القراءة

No Image

الحبر الأصفر

A A
فِي عَالَم القِرَاءة، بَدَأ المُؤلِّفون يُنادون ويَبحثون عَن القَارئ المُنْتِج، ذَلك القَارئ الذَّكي الذي -كَما يَقول المَصريُّون- «يَفهمهَا وهي طَايرة»، بمَعنَى أَنَّ الكَاتِب لَا يُوقع الفِكرة في كِتَابه، بَل يَتركها طَائرة ودَلَالَاتها عَلى الأَرض، وعَلى القَارئ الذَّكي أَنْ يَفهمها «عَلى الطَّاير»..!

لقَد تَحدَّث كُتَّاب كُثر عَن القَارئ الذَّكي، ومِن قَبل أَنْ يَتحدَّثوا؛ اختَرَع الإنجليز عِبَارة: «قِرَاءة مَا بَين السّطُور» ReadingBetween The Lines ..!

وحَتَّى نُعطي الأَمر شَرحًا أَكثَر، دَعونَا نَستَشهد بالمُختَّصين في شؤون القِرَاءَة، وأَحوَالها وطَرائقها، وأَهدَافها وخَصَائصها، مِثل الدّكتور «عبدالكريم بكَّار»، الذي يَقول فِي كِتابه: «القِرَاءة المُثمرة - مَفاهيم وآليَّات»: (إنَّ النَّص الجَيَّد، هو النَّص الذي يَشتَمل عَلى فَرَاغَات مَعرفيَّة، ومِلء هَذه الفَرَاغَات -مِن الآن فصَاعدًا- صَار مِن مُهمّة القَارئ الجَيَّد، وحِين يَشرَع القَارئ في سَدِّها، تَبدأ رِحلة التَّواصل بَينه وبَين الكَاتِب)..!

إنَّ الدّكتور «بكَّار» هُنَا يُركِّز عَلى عِبَارة: «فَرَاغَات مَعرفيَّة»، وعَلى القَارئ الذَّكي أَنْ يَستَلهم النَّصَّ، ويَشرَح مَا بَين الأقوَاس..!

ثُمَّ يَتوغَّل البَاحِث الدّكتور «ساجد العبدلي»، فِي الصَّفحَة 46 مِن كِتَابه: «اقرَأ»، شَارِحًا مَسؤوليَّة القَارئ المُنتِج بقَولهِ: (قَد تَكبر هَذه المَسؤوليَّة المُلقَاة عَلى عَاتِق القَارئ، وتَصغر، بحَسب المَادَة التي يَقرَأها، فالقِرَاءَة في الكُتب العِلميَّة أَسهَل، إنْ قُورنت بالكُتب الأَدبيَّة، والفَلسفيَّة والفِكريَّة، وذَلك لأنَّ المَعارف العِلميَّة بطَبيعتها؛ صَريحَة المَعَاني، ومُبَاشرة المَقَاصِد، عَلى عَكس المَعارف الإنسَانيَّة، التي تَتّجه نَحو مُخَاطبة الفِكر والشّعور والأحَاسيس، في آنٍ وَاحِد، لتَكون المُهمَّة أَكثَر صعُوبة عَلى القَارئ، خصُوصًا ذَلك الذي يَفترض أَنْ تَخرج إليهِ المَعرفَة الكَامِنَة في السّطُور التي أَمَامه، عَلى أَطبَاقٍ مِن فضَّة، أَو ذَهَب)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي أَنْ نَقول: أَيُّها القَارئ، كُن ذَكيًّا ومُنتِجًا، حَتَّى تَفهم مَغزَى الكَاتِب، ذَلك الكَاتِب المُتعَب مِن قيُود المُجتَمع، وقيُود الرَّقَابَة، فيُحاول أَنْ يُعطيك المَعنَى مِن بَعيد، ويُلمّح لَكَ بِهِ تَلميحًا لَا تَصريحًا، لتُكمل أَنتَ المشوَار مَع المَعنَى، وكَان الله فِي عَونك إذَا لَم تَفهم المَغزَى..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store