Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد الثبيتي

تضاريس «سيِّد البيد» الخصبة

A A
سيِّد البيد برزت موهبته في حِقبة أفل فيها الشعر عن سياقه الإبداعي، ومارس بلغة مُتفرِّدة وبأساليب مُبتكرة غير مألوفة عَزْف القصيدة الحديثة مُتجرداً من التبعية الخليلية ومُحافظاً على الموسيقى التي يُعدها النقاد ركناً أساسياً في بناء النص الشعري، الأمر الذي أحدث صراعاً أيدلوجياً حول مشروعية «التحوُّل الجذري» للقصيدة العربية التي سارت قروناً على النسقية العمودية بفعل «عرّاف الرَّمَل» الذي كتب بطريقته المُثلى عيون الشعر، وأفرز لنا مدرسة أطّرَّت لمنهجية اتسمت بصوت لا يُشبهه غيره، ولا يستطيع مُجاراته أحد.

لن أّضيف لمجد «محمد الثبيتي» الشاعر الذي سبقني إلى إبراز شاعريته الفذَّة كبار النقاد وأرباب الثقافة الحقيقيون، ولكن مثل هذه» الظاهرة «تستحق منا ديمومة التذكير بها ومُدارَسَة منجزه الشعري ،فحتماً لكل ناقد رؤيته الخاصة والزاوية التي يؤسس لتلك الرؤية من خلالها، وكما يعرف المُتابعون للحركة النقدية فقد تعرَّض شعر المتنبي للكثير من النقد والتحليل ،وكل ناقد أبرز ملمحاً أو عدة ملامح لم يتعرض لها الآخرون، وهذا شاهد إثبات على الإبداع ودليل لا يقبل الشك على شاعرية مُتمكنة.

لقد واجه « شاعر التضاريس « هجوماً شرساً من المناهضين لكل تجديد في التراث ، ومِنْ مَنْ تصدروا للوصاية على المُجتمع، وحاكموه على شعره - وهم لا يفقهون قوله - وأخرجوه من المِلّة - وهم منهيون عن الحكم على النيِّة - فأرعدوا وأزبدوا وألَّفوا الكتب مُنددين به ومُحذرين من شعره ، ولكن المُحصلة النهائية يكفينا قول الحق : «فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».

أرى أن التكريم الحقيقي للشاعر محمد الثبيتي لا يقف عند منح جائزة باسمه - مع أهميتها - إلا أنه يجب أن يتجاوز ذلك لتكون نصوصه الشعرية مبثوثة في كتب الأدب السعودي والحديث التي تُدرَّس في مدارس التعليم العام أو في الأقسام العلمية ذات العلاقة بالأدب والنقد في جامعاتنا السعودية ليقف الطلاب على مواطن الإبداع فيها - تذوقاً ونقداً - من جهة، ولنُثبت للعالم أننا نحترم مبدعينا ونُعلي من شأنهم بين ظهرانينا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store