Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عاصم حمدان

رثاء النفس

رؤية فكرية

A A
* نعيش ماكتبه الله لنا أن نعيش ، وتتنقل النفس البشرية من حالة إلى أخرى ، اجتماع وتفرُّق ،فرح وحزن ،،صحة ومرض ،صعود وانحدار،قوة وضعف،فلقد جعل البارئ عز وجل في هذا الكون ناموساً لا يحيد عنه كائن ومخلوق ،ألا وهو الموت ،وكتب لذاته العلية الخلود والبقاء ،وبهذا يستدل المخلوق على خالقه والعبد على بارئه ومولاه .

*ولقد تزاحمت في النفس النوازع والأحاسيس والمشاعر ، والعبد الفقير إلى مولاه يودع مع الآخرين ذاتاً عزيزة استطاعت أن تجذب اليها صنوفاً متباينة من الناس،فلقد كان الفقيد خلف -رحمه الله- قادرًا على أن يتودد إلى الآخرين ويضفي على نفوسهم الفرحة ،ويشعرهم بقربه منهم ،ويسعى ما وسعته الأسباب الى الإنصات إليهم وسماع شكواهم. *وأستعيد مشهداً مضت عليه عقود عدة،وكان المكان حي الزاهدية في قباء حيث تسكن العائلة ،والزمن شهر رمضان،فلقد طرق الباب أحد عامة الناس قبيل وقت الإفطار منادياً باسمه ،فلم يتباطأ رحمه الله للنزول من أعلى الدار والإنصات إليه ومن ثم كما عرفت قضى حاجته من خلال عمله الذي سخره لخدمة وطنه ومجتمعه،وزكاة الجاه هي مما يغفل عنه الذين يتبوَّأون مناصب قيادية ،ويكرم الله آخرين بالانحياز له .

ولعلي في هذه السطور التي أنعي فيها هذا الشقيق الذي سوف يترك رحيله فراغاً كبيراً في حياة من كان حوله من الأهل والأحباب لسؤاله عنهم وسعيه لإدخال الفرحة على نفوسهم آخذاً بالأثر القائل ما عُبد الله بأفضل من جبر الخاطر ،فإنه يحسن الاستشهاد على محبة الناس له بتلك الجموع الغفيرة من جميع طبقات المجتمع والتي أتت معزية فيه،ولعل شهادتي بحكم الإخوة يداخلها شيء من العاطفة ولكن ما سوف أرويه أمورٌ عرفتها عن قرب وشاهدتها عن معاينة فلقد سعى المرحوم لتربية أبنائه وتهذيبهم بأخلاقيات المجتمع المدني والتي من أسسها الاستقامة والمحافظة ومكارم الأخلاق ،ولئن كان أكثر من سوف يفتقده أبناؤه وإخوته وأصهاره فإن من كانوا يجاورونه في صلواتهم بالقرب مِن المِحْراب النبوي ومثوى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف يفتقدون طلعته وسؤاله عنهم اذا ماغابوا ،ورفقته لهم بالفضل والحسنى اذا ما حضر بينهم.

رحم الله أخي وأسكنه فسيح جناته .. « إنا لله وإنا اليه راجعون«.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store