يُقال: إن وزارة الماليَّة قد أطلقت بصفةٍ تجريبيَّة خدمة أوامر الدفع الإلكترونيَّة من خلال بوابة رقميَّة تتيح للجهات الحكوميَّة إدخال أوامر الدفع الموافق عليها إلكترونيًّا من دون الحاجة إلى التعاملات الورقيَّة.. وكل ذلك يتمُّ ضمن إطار سعي الوزارة إلى تمكين الجهات الحكوميَّة وتحسين أدائها (الحياة 18 مايو).
خطوة حميدة، وإن تأخَّرت طويلاً، إذ كانت قبضة اليد المركزيَّة لوزارة الماليَّة صارمةً وقويةً، والأهم من ذلك مكلِّفة ماديًّا وإنتاجيًّا، ولستُ أدري إلى أي مدى تم تقليص ذلك الكم الهائل من الرحلات الجويَّة اليوميَّة التي تنطلق من مختلف مدن المملكة إلى العاصمة الرياض، وعليها موظفو جهات حكوميَّة كثيرة مثل الجامعات، والإدارات العامَّة لمختلف الوزارات، وجهات عسكريَّة ومدنيَّة، وتحت إبط كل منهم مستخلصات وأوامر صرف، وغيرها من المستندات، التي لا بدَّ من تسليمها يدويًّا للموظف المسؤول، كبر أو صغر، حتَّى لا تغيب المعاملة في الأدراج والدهاليز، وتستغرق بدلاً من الشهر، شهورًا كثيرةً.
كانت (وأحسبها لا تزال) آليَّة صعبة تستهلك بند المصروفات السفريَّة بسرعة عالية، بين تذاكر إركاب، وبدلات انتداب.. وعلى مدى العام تقريبًا، ممَّا يعطِّل الأداء في الإدارات، التي يسافر موظَّفوها ليغيبوا يومًا كاملاً، أو أيامًا معدودات.. وحتَّى الفروع الرئيسة في مناطق المملكة الكبرى مثل مكَّة المكرَّمة، أو الشرقيَّة كانت بلا قدرات على استكمال الإجراءات المطلوبة، ولا حل إلاَّ عبر مقر الوزارة في الرياض.
ولذا فالخدمة الإلكترونيَّة التي هي تحت التجريب، إنَّما هي تصحيح جوهريٌّ لممارسة قديمة آن لها أن تُستضاف في أحد المتاحف الإداريَّة التاريخيَّة.
بقيت خطوات تطويريَّة أخرى، منها السماح للجهات الحكوميَّة ذات الميزانيَّات المستقلَّة بالصرف مباشرة من ميزانيَّاتها المعتمدة، وفقًا للتعليمات والأنظمة والأطر التي تحكمها، ودون الرجوع إلى وزارة الماليَّة، خاصَّةً فيما يخصُّ المبالغ الماليَّة البسيطة، أي ما دون 50 ألف ريال مثلاً.
لكن من الواجب الإشادة بكثير من الخطوات التطويريَّة، التي اتَّخذتها وزارة الماليَّة، ومنها متابعة صرف مستحقَّات الشركات والمؤسَّسات التجاريَّة حقوقها على موقع الوزارة الإلكتروني مباشرة، ودون الحاجة إلى توسيط فلان أو علان.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
