Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

الحالات الإنسانية والأزمة القطرية

A A
طفت على سطح الأحاديث بعد قطع علاقات كل من السعودية والإمارات والبحرين مع قطر قضية الأسر المزدوجة الجنسية، السعودية القطرية، البحرينية القطرية، الإماراتية القطرية، وكان السؤال: ماذا سيحدث لهم، هل ستفترق الأسرة، أم أن على الأسرة اختيار تنازل أحد قطبيها عن انتمائه وهويته ووطنيته لوطنه والعيش في وطن الآخر؟!

الأمر بدا في البداية محيرًا، لأنه يمس جانبًا إنسانيًا، من جوانبه المتعددة؛ أسريًا واجتماعيًا وسياسيًا، مع أن لكل أزمة سياسية ضحايا، إلا أن المساس بأمن الأسرة يمثل أزمة إنسانية حقيقية تواجه المجتمع الخليجي لأول مرة، مع أن أزمات قطر السياسية لم تتوقف مع شقيقاتها، مطلع 2009 السعودية وعدد من الدول العربية تقاطع القمة العربية الطارئة التي عُقدت في الدوحة لبحث الحرب الإسرائيلية على غزة، 2014م السعودية والبحرين والإمارات تستدعي سفراءها لدى الدوحة لمدة تسعة أشهر بسبب تدخل قطر في الشؤون الداخلية لهذه الدول، في إشارة إلى خطب الشيخ يوسف القرضاوي واستضافة الدوحة عددًا من أعضاء جمعية الإصلاح الإماراتية المقربة من الإخوان المسلمين والمحظورة في الإمارات، فلم تكن هذه المرة الأولى التي تنشق فيها قطر على شقيقاتها وتقلب لهم ظهر المجن، أى أن قطر انقلبت ضد شقيقاتها وعادتهم بعد مودة كما يقول شرح المثل، مع أن المودة لم تكن موجودة في قاموس قطر، بل لم تكن سوى نفاقًا وضغينة مبثوثة في دعم التنظيمات الإرهابية لإحداث الفوضى في الدول من حولها، وانكشف وجه قطر الحقيقي في أكثر من موضع؛ في دعم المعارضة في البحرين، وفي مصر دعمت الإرهاب الذي أدمى حياة المصريين وفقدوا أرواحًا عزيزة من المدنيين والعسكريين، ليس هذا فقط، بل آوت ونصرت قادة التنظيم الإرهابي وناصرتهم، ومع ذلك حاولت حكومات دول الخليج استقطاب «تميمها» بالرعاية الأبوية، لكن للأسف عاد ليرتمي في حضن إيران العدو اللدود لدول الخليج، وكما يقولون: «صديق عدوي عدوي»، اتخذت دول الخليج الإجراءات الرادعة للتهور القطري غير المحسوب.

أشرت في مقال الأسبوع الماضي «بسمة خير في شهر الخير» إلى المقطع الصوتي المسرب للمكالمة الهاتفية الشهيرة بين أمير قطر المخلوع والرئيس الليبي المقتول، بين حمد آل ثاني والقذافي، والذي يؤكد على أن هناك حقدًا وضغينة متأصلان في قلب حكام قطر ضد السعودية بشكلٍ خاص، وأن علاقة قطر بدول الخليج كانت كالصديق اللي بوجهين، أو كالشريك المخالف بحماقة، حتى وصلت العلاقة إلى هذا المستوى من قطع كل العلاقات مع قطر، وبالتالي ظهرت أزمة الأسر القطرية السعودية، لذلك وجه خادم الحرمين الشريفين بمراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة السعودية القطرية، الأحد 11 يونيو 2017م، كما وضح البيان أن قطع العلاقات مع قطر لا يمس حرص المملكة العربية السعودية على الشعب القطري الذي هو امتداد طبيعي وأصيل لإخوانه في المملكة العربية السعودية وجزء من أرومتها...»، كما خصصت وزارة الخارجية رقم «00966112409111» لتلقي هذه الحالات، واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها.

كذلك فعلت كل من الإمارات والبحرين، لأن الدول هدفها الأول المواطن، أمنه وسلامته واستقراره النفسي والأسري، ولأن الإرهاب والجماعات الإرهابية التي ترعاها قطر تترصد بالأوطان والمواطنين، إذاً خطوات قطع العلاقات مع دولة صغيرة أصبحت بؤرة لتجمع الإرهابيين ودعمهم وتمويلهم؛ هو حماية لأمن المواطن السعودي والإماراتي والبحريني والمصري. قطر هذه الدولة الصغيرة التي لم تكن تعرف رسمًا ولا كسمًا أغراها مدخول النفط الكبير من صادرات الغاز الطببيعي المسال (77 مليون طن سنويًا) وتزايد ريع النفط والغاز أغراها بمحاولة مد رأسها ليطاول رؤوس الدول الكبرى كمصر والسعودية، لذلك كان لابد من إعادتها إلى حجمها الطبيعي، حتى لو تضافرت مع إيران وتركيا، ستنفق من تدفق ريع الثروة النفطية الناضبة كما أنفقت على مغامرات طفولية وهدر وتسرب من خارج الميزانية العامة في استثمارات دون دراسة جدوى اقتصادية والخلط بين المال العام والخاص كما يقول بيان مثقفيها من أجل الإصلاح، بالإضافة إلى سياسات قطر الراعية للإرهاب، هدر مالي غير محسوبة نتائجه الكارثية على المدى الطويل، لكنها سياسة قطر التي ظنت أن قناتها «الجزيرة» منبر من لا منبر له، وهي في الحقيقة، ثقب أسود في قلب العالم العربي يرسل غازاته وحممه لتدمير الوطن العربي، فلم يعد الصمت والصبر مجديان مع ابن مارق أو عدو متربص، لكن هذا كله لم يمنع قيادتنا من مراعاة الحالات الإنسانية للأسر المشتركة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store