Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

يوميات مع اللغات!!

الحبر الأصفر

A A
الحَديثُ عَن اللُّغَات، حَديثٌ يَستَفزُّ القَلب فَرحَاً وطَرباً، فمَا بَالك إذَا جَاءَت اللُّغَات عَن طَريق اليَوميَّات..؟!

إنَّها نُورٌ عَلى نُور، ومَن مِنَّا لَا يَعرف قِيمة اللُّغَة؟، تِلك التي تُدرك مَعنَاهَا؛ عِندَمَا تُسَافر إلَى بَلدٍ لَا يَتحدَّث لُغتَك، ولَا تَتحدَّث لُغته.. حِينهَا ستَصرخ قَائِلاً: «اللُّغَة وَطَن»..!

(الأحد): اللُّغةُ كَائنٌ حَيّ، وهَذا يَعنِي أَنَّها قَد تَموت، وقَد تَحيَا، والنَّاطِقُون بِهَا هُم الذين يُحدِّدون حَيَاتها ومَوتها، لذَلك يَقول أَحَد الفَلَاسِفَة: (لَا تَموت أُمَّة ولُغتها حَيَّة)..!

(الاثنين): عِندَمَا كُنتُ فِي أَذربيجَان وفِي بُولَندَا، لَم أَجد مَن يَتحدَّث الإنجليزيَّة، وأَنَا لَا أُجيد لُغة هَذين البَلدين.. فِي تِلك اللَّحظَة بالذَّات؛ فَهمتُ عِبَارة أَحَد الفَلَاسِفَة حِين قَال: (اللُّغَة للأُمَّة كالرِّئة للإنسَان، مِنهَا يَتنفَّس، وبِهَا يَتحقَّق)..!

(الثلاثاء): لَا تَعتَقد أَنَّ اللُّغَة هي جُزء مِن الثَّرْثَرَة، بَل كُلّ لُغَةٍ تُعتبر مَصدراً مِن مَصَادر الاقتصَاد، وصَمَّام أَمَان يَعصمُ مِن الفَقْر، وقَد أَشَار المَثَل الأَلمَاني إلَى اللُّغَات؛ كمَصدر مِن مَصَادر الاقتصَاد للإنسَان، حِين قَال: (الإنسَان يُسَاوي مِن الرِّجَال؛ بقَدر مَا يَعرف مِن اللُّغَات)..!

(الأربعاء): عِندَمَا تَطوَّرت اللُّغَات، نَشَأ عِلم المُقَارنة بَينهَا، فلَا يُمكنك أَنْ تَتبيَّن قِيمة الجَميل، إلَّا إذَا رَأيتَ القَبيح، مِن هُنَا، فأَنتَ لَا تَستطيع أَن تَحكُم عَلى لُغتك بأنَّها جَميلة، إلَّا إذَا كَان لَديك إلمَام باللُّغَات الأُخرَى، وفِي ذَلك يَقول الفَيلسوف «غوته»: (مَن لَا يَعرف لُغَات أَجنبيَّة، فهو لَا يَعرف لُغته)..!

(الخميس): اللُّغَة لَيسَت مُجرَّد أَصوَات وأَلفَاظ وكَلِمَات، بَل هِي رَابطة بَين النَّاس، ويَكفي أَنَّ اللُّغَة هِي أَوثَق الرَّوابِط؛ التي تُوحِّد أَعضَاء «جَامعة الدّول العَربيَّة»، لذَلك إذَا رَأيتَ مُوَاطِناً لَا يُحسن العَربيَّة، فإنَّ الرَّوابِط بَينكمَا تُصبح ضَعيفة، وقَد لَمِسَ هَذا المَعنَى المَثَل الكُردي، حَيثُ يَقول إخوَتنا الأكرَاد: (أَجنَبي يَتكلَّم لُغتي، أَفضَل مِن مُواطن يَجهلهَا)..!

(الجمعة): هُنَاك لُغَة تَتعلَّمها، وهُنَاك لُغَة تُسمَّى اللُّغَة الأُم، وهي التي تَرضعهَا مِن حَليب أُمَّك، وقَد أَحسَن الفَيلسوف «أناتول فرانس»، حِين قَال عَن لُغته الأُم: (اللُّغَة الفرنسيَّة امرَأة، وهَذه المَرأَة جَميلَة جِدًّا، وفَخورة جِدًّا، ومُتوَاضعة وأَليفَة، ونَبيلَة وجَريئَة، ومُؤثِّرة ومُثيرَة، ومَجنونة وحَكيمَة، بحَيثُ نَهوَاهَا بمَجَامع القَلب، ولَا نَخونهَا)..!

(السبت): سَألتُ نَفسي عِندَما أَغضَب: بأي اللُّغَات أَغضب؟، فلَم تَجرؤ نَفسي عَلَى الإجَابَة، ثُمَّ أَحلَتُ السُّؤَال إلَى أَحَد الأُدبَاء، فقَال بِلَا تَردُّد: (اللُّغَة القَوميَّة لَهَا قَرَار مَكين فِي روحِ الإنسَان، فبمَقدورك أَن تُتقن غَير لُغَة، ولَكَن عِندَمَا تَفرَح أَو تَغضَب أَو تَحزَن، تَفيء إلَى لُغتِك الأُم، لأنَّها تَطفُو عِند الأفرَاح والأترَاح، كنَبعٍ لَا يُعادله أَي نَبعٍ آخَر)..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store