Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

العبرة في الوقت يا جماعة.. وليس في جودة الساعة

الحبر الأصفر

A A
العَربي فِي الغَالِب لَا يَهتمّ بالوَقت، فهو إمَّا نَائِم أَو يَأكل، أَو يَقتني أَفخَم السَّاعَات، دُون أَن يَعرف للزَّمن أَي قِيمَة، وهُنَاك دِرَاسة تَقول: إنَّ 70% مِن سَاعَات النِّسَاء لَا تَعمل، وإذَا أَردتَ أَن تُحرج أَي امرَأة، فاسأَلها: «كَم السَّاعَة الآَن»..؟!

أَكثَر مِن ذَلك، يَبدو أَنَّ العَربي كُلَّما زَهدَ بالوَقت، زَاد اهتمَامَه باقتنَاء السَّاعَات، وشَرَاء الأَغلَى مِنهَا، وحَتَّى لَا يَكون الكَلام رَجمًا بالغَيب، إليكُم هَذه القصَّة، التي رَوَاهَا الشَّاعِر والكَاتِب «قاسم حدَّاد»، فِي كِتَابه «لَه حِصَّة فِي الوَلع»، حَيثُ يَقول: (كُنتُ فِي زِيَارَة إلَى اليَمن فِي نهَاية الثَّمانينيَّات، عِندَما زُرتُ مِن بَين أَمَاكِن كَثيرة قَصرالإمَام «أحمد» فِي مَدينة تَعز، الإمَام الذي جَاءَت الثَّورَة اليَمنيَّة؛ لوَقف تَعطيله لحَركة التَّطوُّر الحَديث فِي البِلَاد. ومِن بَين غُرف القَصْر الكَبير، الذي تَحوَّل إلَى نَوعٍ بِدَائي مِن المَتَاحِف، دَخلتُ غُرفة مُتوسِّطة المِسَاحَة، فإذَا بِهَا مَشحونة بعَددٍ لَا يُحصَى؛ مِن أَنوَاع السَّاعَات المُختلفَة فِي الحَجم والشَّكل، وطُرق الاستخدَام، سَاعَات بالمِئَات، مَرصُوصَة فِي كُلِّ مَكانٍ فِي الغُرفَة، عَلَى الجُدرَان، وفِي الأَرض، وعَلَى المَشَاجِب، وفِي السَّقف، والكَثير مِنهَا عَلى شَكل تُحف نَادِرَة، قِيلَ إنَّ الإمَام كَان قَد تَلقَّى بَعضها فِي مجمل الهَدَايَا، وسَعَى إلَى اقتنَاء وشِرَاء الكَثير البَاقي، وسَبَب ذَلك -كَما قِيل لَنَا- أَنَّ الإمَام «أحمد» كَان مُولعًا -إلَى حَدِّ الهَوَس- بالسَّاعَات، دون أَنْ نَجد تَفسيرًا مَنطقيًّا؛ يَنسَجم مَع سِيَاق حَيَاة وتجَربة ذَلِك الحَاكِم، الذي كَان فِعليًا خَارج الزَّمن عَلَى الإطلَاق، وعَانَت بِلَاده مِن التَّخلُّف عَن أَبسَط مَظَاهر الحَدَاثَة، لَيس فِي العَالَم، ولَكن عَلَى الأقَل فِي الجزيرَة العَربيَّة)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: أَيُّها الإنسَان - يَا صَديقي- قَبل أَن تَهتَم بشِرَاءِ السَّاعَة الثَّمينَة، علِّم نَفسك أَوَّلًا الإحسَاس بالوَقت، لأنَّه أَثمَن الأشيَاء، واعلَم أَنَّ الإنجليز يَقولون فِي أَمثَالِهم: (الوَقت هو المَال)..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store