Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

استقلال كتالونيا!؟

A A
في خطوة اعتبرها مراقبون تحدياً للحكومة المركزية الأسبانية في مدريد أعلن برلمان إقليم كتالونيا الاستقلال عن مملكة أسبانيا يوم الجمعة الماضي ،على أن يكون دولة مستقلة تأخذ شكل الجمهورية. واعتبر البرلمانيون المصوِّتون بالموافقة على إعلان الاستقلال وعددهم سبعون عضواً من أصل (135) أن الإعلان ينهي وصاية حكومة مدريد على الإقليم.

إعلان الاستقلال يأتي ليس في ظل موافقة إجماعية من أعضاء البرلمان أو من شعب الإقليم بل من المؤيدين فقط وهم يشكِّلون نسبة كبيرة من عدد السكان ،فمقابل السبعين صوتاً المؤيدة عارض القرار عشرة أعضاء بينما امتنع معارضون آخرون وهم البقية من عدد المقاعد (55) عضواً عن حضور الجلسة ووضعوا أعلاماً أسبانية وكتالونية على مقاعدهم الشاغرة في البرلمان.

ليس هذا فقط لكن وبمجرد إعلان البرلمان الاستقلال سارع رئيس الحكومة الأسبانية ماريانو راخوي بإقالة رئيس إقليم كتالونيا كارليس بوتشيمون ،ودعا إلى إجراء انتخابات برلمانية في 21 ديسمبر المقبل، كما أن البرلمان الأسباني فوَّض رئيس الحكومة اتخاذ الإجراءات التي تحمي وحدة مملكة أسبانيا بما فيها فرض الوصاية على إقليم كتالونيا تطبيقاً للمادة (155) من الدستور الأسباني التي تمنح الحكومة الحق في وضع وصايتها على الإقليم . وكان ماريانو راخوي قد وصف في جلسة البرلمان الأسباني التي منحه فيها التفويض خطوة البرلمان الأسباني بأنها: «الخطوات الأولى التي نقوم بها لمنع الذين كانوا مسؤولين حتى الآن عن مواصلة تصعيد العصيان».

إعلان الاستقلال الكتالوني قوبل كذلك برفض دولي شبه كامل، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعلى لسان المتحدثة باسمه سارا ساندرز يقول: «نكرر دعمنا لأسبانيا موحدة»، وبيان الخارجية الأمريكية: «إن كتالونيا جزء لا يتجزَّأ من أسبانيا وندعم إجراءات حكومة مدريد لإبقاء أسبانيا قوية موحدة». وكذلك فعلت ألمانيا ،فالمتحدث الرسمي باسم الحكومة شتيفن زايبرت صرح قائلاً: «إن ألمانيا لا تعترف بإعلان برلمان إقليم كتالونيا الاستقلال عن أسبانيا من جانب واحد». وهوما قالت به كندا، فعلى لسان مساعد وزير خارجيتها أندرو ليسلي فإن قرار استقلال كتالونيا: «بحسب القواعد القانونية الدولية ينبغي اتخاذ مثل هذه القرارات ضمن إطار دستوري، كندا تعترف بأسبانيا موحدة».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعم وحدة أسبانيا بقوله: «لدي شخص واحد أخاطبه في أسبانيا رئيس الوزراء، هناك دولة قانون في أسبانيا بقواعد دستورية ينبغي احترامها، دعمي الكامل لرئيس الوزراء الأسباني».وكذلك أعلن الاتحاد الأوروبي رفضه تقسيم أسبانيا وانفصال إقليم كتالونيا على لسان رئيس المفوضية الأوروبية جان كلوديو تكر الذي قال: «إن الاتحاد الأوروبي ليس في حاجة إلى مزيد من التصدعات والانقسامات».

والسؤال ماذا سيحدث لو استمر العناد الكتالوني ولم يعدْ رئيس إقليم كتالونيا والنواب المؤيدون للاستقلال عن إصرارهم؟ ولم يدخلوا في مفاوضات مع حكومة مدريد المركزية حول منح الإقليم استقلالية أكبر مما هو قائم حالياً؟.

الدلائل كلها تشير إلى رفض أسباني قاطع للاستقلال بدعم دولي حتى وإن أدى ذلك إلى استخدام القوة في منع حدوث أي انفصال عن مملكة أسبانيا، وهو ما يعني عودة للحرب الأهلية التي شهدتها أسبانيا في الثلاثينيات من القرن العشرين الماضي والتي انتهت بسيطرة الجنرال فرانسيسكو فرانكو على الحكم وفرضه حكماً ديكتاتورياً على أسبانيا لمدة تقارب الأربعين عاماً (1936 - 1975)، وهذا ما لا تقبل به أوروبا ولا حليفتها الكبرى الولايات المتحدة الأمريكية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store