Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

نزع الإحباط من حصة النشاط

الحبر الأصفر

A A
قَبل يَومَين نَشرتُ مَقالاً حَول حصّة النَّشَاط، وكَان عِبَارة عَن رِسَالَة مِن قَارِئَة مُتخصِّصة، تَقتَرح فِيهَا عَلى الوزَارة اقترَاحًا، يَصبُّ فِي خَانة الاستثمَار الأَمثَل لهَذه الحصّة، وبَعد نَشْر المَقَال، وَصلَني تَعقيبٌ آخَر، مِن الأُستَاذ والتَّربوي العَريق «سعيد الغامدي»، وسأَنشره هُنَا كَما هو، دُون التَّدخُّل بالتَّعديل أَو التَّبديل، خَاصَّة وأَنَّ الكَاتِب، تَقمَّص شَخصيَّة «العرفج»، وخَتَم مَقاله بالطَّريقة التي تُضلِّل القُرَّاء، ليَعتقدوا أَنَّ الخَاتِمَة مِن إنشَائي، وهَذا غَير صَحيح، بَل هي مِن إنشَاء حَضرة الأُستَاذ «سعيد»..!

يَقول التَّعقيب: تَعليقًا عَلى مَقَال د. «أحمد العرفج»، حَول حصّة النَّشَاط، والذي حَمل تَجربة عَن تَفعيلها، أُريد أَنْ أُضيف مَا أَرَاه مُنَاسِبًا؛ لمِثل هَذه الحصَص التي اعتُمدت من الوزَارَة، ولَم تُؤتِ أُكلهَا، فِي ظِل عَدم التَّهيئَة المَيدَانيَّة والعَمليَّة لهَذه الحصَص..!

النَّشَاط، يَجب أَنْ يَكون مُمَارسة فِعليَّة للمَهَارَات، شَريطة أَنْ تَتوفَّر الورش المُنَاسِبَة، والأَدوَات والوَسَائِل المُسَاعِدَة لذَلك، وهَذه مَفقُودَة فِي كَافة مَدارسنَا بلَا استثنَاء..!

لَدى مَدَارس «عبدالرحمن فقيه»، تَجربة مَيدانيَّة رَائِدَة فِي مَكَّة المُكرَّمة، وهي وجُود قِسم، يَحوي عَشر وِرَش مِهنيَّة، للنّجَارَة والكَهرَبَاء، والسّبَاكَة والحدَادَة، واللّحَام والإلكترونيَّات... وغَيرهَا، مُجهَّزة تَجهيز رَاقٍ، يُمَارس فِيهِ الطُّلَّاب النّشَاط؛ بطَريقةٍ عِلميَّة عَمليَّة، تُكسبهم المَهَارَات اللَّازِمَة، وتُهيّئهم نَفسيًّا لتَقبُّل العَمَل المهنِي، الذي هو مَصدر للدَّخل، بَل إنَّه مِن أَهَم مَصَادر الدَّخل المَحلِّي، ويُمثِّل رَافد اقتصَادي مَفقود، لأنَّه يَذهب للأَيَادي العَامِلَة المهنيَّة الأَجنبيَّة، نَظراً لعَدَم وجُود تَدريب لأبنَائنا فِي المَدَارس، وحَبَّذا لَو عُمِلَ بمَثل هَذا التَّوجُّه؛ فِيمَا سيُستَحْدَث مِن مَدَارس حكُوميَّة جَديدَة مُستَقبلاً..!

وقَد مَررتُ بتَجربة شَخصيَّة فَريدَة، حَيثُ قرَّرت جَامعة «ليستر»، وأَنَا أَدرس بِهَا فِي بِدَاية الثَّمانينيَّات المِيلاديَّة، عَمَل زيَارة ميدانيَّة لمَدرسةٍ فِي نِظَامهم؛ اسمهَا «المَدرَسَة الشَّامِلَة»، وبالفِعل زُرنَا المَدرسَة، ووجدنَا أَنَّ طُلَّاب الصَّف الأوّل ابتدَائي؛ يَتوَاجدون فِي قَاعةٍ بِهَا أَربَع طَاولات كَبيرة، كُلّ طَاولة تُحَاط بستةِ عَشر كُرسيًّا، أَي 16 طَالبًا عَلَى الطَّاولَة، وعَلَى رَأس كُلّ طَاولة كُرسي المُعلِّم أَو المُعلِّمة. كَانت الطَّاولات تُمثِّل أَقسَامًا عِدَّة هي: (اللُّغَة، الرِّيَاضيَّات، العلُوم، الفنُون)، وكَانت مُدّة الحصَّة 50 دَقيقَة، والطُّلَّاب يَتنقَّلون أَثنَاء الحصّة بَين الطَّاولَات دون قيُود، وبَعد انتهَاء الحصّة، تَسَاءَلتُ مَع أَحَد المُعلِّمات عَن سِر هَذا التَّنقُّل، وعَدَم الاستقرَار، فأَجَابت بأَنَّ الطَّالب خِلال الثَّلَاثة الأَشهر الأُولَى، لَه مُطلق الحُريَّة فِي التَّنقُّل، حَتَّى يَستَقر بِهِ القَرَار عَلَى إحدَى الطَّاولَات، حَيثُ يُحدِّد ميُوله بنَفسه، ونَبدَأ مِن الفَصْل الثَّاني بوَضعهم فِي فصُول؛ تُركِّز عَلَى نَفس التَّوجُّه الذي يَرغبونه، مَع بَعض المَعَارف الضَّروريَّة الأُخرَى..!

ذُهلتُ مِن ذَلك التَّفكير والتَّهيئَة الرَّائِعَة، ومَا أَذهَلني أَكثَر، عِندَمَا وَجَدَتْ المُعلِّمة أَنَّني تَوَّاق؛ لمَعرفة تَفَاصيل أَكثَر للمَشروع، فصَارحتني قَائِلَة: تَعرف أَنَّ كُلّ هَؤلاء الطُّلَّاب «أَيتَام» أَو «لُقطَاء»، وهَذا النّظَام خَاص بِهم فَقَط، ولَا يُوجد فِي كُلِّ المَدَارس الحكُوميَّة الأُخرَى..!

نَخلُص مِمَّا سَبَق، أَنَّ حصّة النّشَاط تَحتَاج لمَقرَّات غَير الفصُول، ومسَاحَات حُرَّة فِي المَدَارِس، لمُزاولة الزِّرَاعَة والنّشَاطَات الكَشفيَّة وغَيرهَا، ولَابُد مِن وجُود مَلَاعب ومَسَابِح وصَالَات رِيَاضيَّة لمُمَارسة الأَنشطَة الرِّيَاضيَّة، ووَرش مهنيَّة لمُزَاولة بَعض المَهَارَات الفَنيَّة اليَدويَّة، عَلَى أَنْ يُواكب ذَلك خَامَات وأَدوَات، تُسَاعدهم عَلَى مُمَارسة النّشَاط، بفَاعليَّة وفَائِدَة..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: كُنتُ أَتمنَّى أَنْ تَكون حصّة النّشَاط؛ حصّة إضَافيَّة لمَادَة التَّربية البَدنيَّة، بَدلاً مِن كَونهَا نَشَاطًا عَامًّا بِلَا إمكَانيَّات، حَيثُ إنَّ «التَّربيَة البَدنيَّة» مَظلُومَة فِي نِصَابهَا، لأنَّهَا حصَّة وَحيدَة في الأسبوع، رَغم أَنَّها تُسَاهم فِي تَعزيز البِنيَة البَدنيَّة السَّليمَة للطُّلَّاب، وتُحقِّق رَافِدًا عَمليًّا للأَنديَة الرِّيَاضيَّة، والمُنتخبَات الوَطنيَّة، وقِس عَلَى ذَلك كَثيرًا..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store