Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سمر الحيسوني

مدونة الأحوال الشخصية.. حلول لمشكلات مستعصية

A A
قضايا الأحوال الشخصية وقوانين الأسرة كالزواج والطلاق والنفقة والميراث والخلع والعضل والولاية والحضانة وغيرها من القضايا الأخرى تشكل جزءًا كبيرًا من حياتنا جميعًا لكونها من أغلب المشكلات اليومية التي قد تواجهها أي أسرة، فهي من أكثر القضايا التي تُعرض أمام محاكم الأحوال الشخصية، ومع ذلك، فأحكامها غير مقننة ولا يوجد حتى مدونة خاصة بأحكام قضايا الأحوال الشخصية يُعتد بها كمرجع موحّد يُعرِّف كل فرد من أفراد المجتمع بحقوقه وواجباته الأسرية، مما يترتب عليه حدوث تفاوت كبير في الأحكام الصادرة بنفس النوع من القضايا.

إذ تكمن أهمية إيجاد مدونة الأحوال الشخصية في مساعدة القضاة عند إصدارهم للأحكام في هذا النوع من الدعاوى، حيث يكون هنالك أسانيد محددة للرجوع إليها بدلاً من إضاعة الكثير من الوقت والجهد في التسبيب والبحث عن السوابق القضائية والراجح والمشهور في أحكام الشريعة الإسلامية نظرًا لاتباع المملكة العربية السعودية أحكام الشريعة الإسلامية سلوكًا وتعاملًا، مما يجعل القضاة يحكمون ويَفصلون في القضايا بين المتنازعين فيما يخص قضايا الأحوال الشخصية بأحكام الشريعة الإسلامية وذلك استنادًا على المذاهب المتّبعة.

كما أنّ ذلك سيساهم بالحد من وجود اختلافات كبيرة في الأحكام الصادرة بالقضايا المتشابهة والتي يُحكم فيها الآن بناءً على مرئيات كل قاضٍ وقناعاته وموقفه وفكره ومرجعيته الاجتماعية تجاه كل حالة، فعلماء المذاهب أنفسهم لم يتفقوا جميعًا في الكثير من الأمور الفقهيّه، فكيف بغيرهم!

تقنين أحكام قضايا الأحوال الشخصية سيضع الحلول المناسبة للكثير من المشكلات المستعصية التي تُقلق راحة الأسرة، فهناك الكثير من التعاميم والقرارات الصادرة من وزارة العدل يُمكن الاعتماد عليها وتقنينها في المدونة إلى جانب اعتماد تفسيرات موّحدة للنصوص الشرعية

للاستناد عليها فيُصبح هناك مجموعة قواعد قانونية تنظم العلاقة بين الأفراد فيما بينهم من حيث صلة النسب والزواج والمصاهرة، وتبيِّن الحقوق والواجبات التي تنشأ عنها هذه العلاقة وما يترتب عليها من أمور مالية كالنفقة والإرث وغيرها وذلك لتحقيق الغرض الأساسي من إيجاد قانون للأحوال الشخصية، إذ سيساهم هذا الأمر في توحيد نوعية الأحكام الصادرة بالقضايا مهما تشعبت، مع الحفاظ على أحقية القاضي في إصدار حكمه وفقًا لقناعاته في كل حالة تُعرض عليه، مع ضمان عدم التعسف في استخدام الحق.

ختامًا، أتمنى أن تتوجه تطلعات وزارة العدل لإصدار مدونة الأحوال الشخصية وخاصةً بعد وجود مداولات مسبقة عن مساعي الوزارة لاستحداث ذلك من منطلق التسهيل ومراعاة المتطلبات المجتمعية الحالية ووضع حد لأي تجاوزات قد تحصل، فيمكن أن يشعر المرء بسبب وجود تفاوت في الأحكام الصادرة بأنّه ظُلم في الحكم المقضي به في دعواه نظرًا لكون أن هنالك قاضياً آخر قد أصدر حكمًا مخالفًا عمّا صدر بحقه في نفس الموضوع، فالأمر غدا حاجة مُلحّة لا يمكن التغاضي عنها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store