Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
لمياء باعشن

الوفد السعودي في اجتماع السيداو

لا تكاد أي عضوة أن تنتهي من تهنئة السعودية على التدابير الإيجابية التي تقوم بها، حتى تسارع بالتعبير عن القلق الذي يساورها، أو عن ملاحظتها مع القلق، أو عن ضرورة إعرابها عن القلق من هذا أو ذاك، وربما كان القلق سمة متوارثة في لجان الأمم المتحدة التي يُعجزها تمام الرضا.

A A
السيداو (CEDAW) هي معاهدة دولية تم اعتمادها في 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بغرض القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وقد صادقت المملكة على هذه المعاهدة في العام 2000 لانسجام مضمونها مع ما تتطلع إليه من رعاية لحقوق المرأة، ومع ما تخطط له من تحمل كامل المسؤولية في العناية بأوضاعها الإنسانية في الدولة، وإن تحفظت على أي تعارض بين بنود

الاتفاقية وبين تعاليم الشريعة الإسلامية.

مع كل اجتماع لجمعية اتفاقية السيداو تُحضّر الوفود تقاريرها وتعرضها، وفي الجلسة الخاصة بكل دولة يبدأ رئيس الوفد بكلمة توضيحية لما جاء في التقرير، ثم يناقش أعضاء اللجنة أفراد الوفد ليتولى الرد كل في مجاله. يوم الثلاثاء الماضي 27 فبراير، حضر الوفد السعودي اجتماع اللجنة في جنيف برئاسة معالي الدكتور بندر العيبان، رئيس هيئة حقوق الإنسان في السعودية، الذي بدأ بمداخلة وضح فيها ما تم تطبيقه

من بنود الاتفاقية.

تكوّنت البعثة السعودية الأخيرة من 32 عضواً، من بينهم 18 سيدة: أمل فطاني، أمل المعلمي، سمحاء الغامدي، رشا التركي، وفاء التويجري، وفاء الصالح، منيرة العصيمي، نقاء العتيبي، أمل القحطاني، تماضر الرماح، هالة التويجري، وسمية العجمي، ريم العويدي، أروى الشنقيطي، مها المنيف، هايدي العسكري، سارة الحسيني، حصة الغدير، هوازن الرويجح. ويمثل أعضاء البعثة قطاعات حكومية ومدنية مختلفة، مثل، هيئة حقوق الانسان، وزارة الصحة، وزارة الخارجية، وزارة الداخلية، النيابة العامة، وزارة الشؤون الإسلامية، وزارة الاعلام، وزارة العدل، وزارة التعليم، وزارة العمل، وزارة الاقتصاد والتخطيط، هيئة الرياضة، هيئة الإحصاءات، مركز الملك سلمان

للإغاثة، برنامج الأمان الأسري الوطني، ومجلس القضاء الأعلى.

كان حضور النساء ضرورياً، فعددهن، ومظهرهن المحتشم، واختلافهن، ومؤهلاتهن كان دليلاً حيوياً على التقدم الهائل الذي تحرزه المملكة في تطوير الأحوال المعيشية للمرأة السعودية، ليس فقط في البرامج والقوانين، ولكن في تغير النظرة المجتمعية للمرأة المتمثل في عضويتها في هذا الوفد الرسمي، وفي خروجها للعالم بصوتها وبشخصيتها المتفردة والمستقلة. أما كل هذه القطاعات فإن التقرير والنقاش يمسها جميعاً، ويمكن لمنسوبيها التحدث بالأرقام والتفاصيل عن تمكين المرأة السعودية من الحصول على فرصهن التعليمية

والوظيفية داخل المؤسسات الحكومية والقطاعات الخاصة.

كانت الجلسة مُشرّفة شكلاً وموضوعاً، ولا بد من شكر أعضاء الوفد لحملهم عبء الرد على الأسئلة المتكررة حول المواضيع المستهلكة التي سئمناها، ولتحملهم كثرة القلق الذي عبّرت عنه عضوات لجنة السيداو إزاء كل موضوع، حتى وإن امتدحن التقدم الملحوظ في تقليص مظاهر التمييز ضد المرأة. لا تكاد أي عضوة أن تنتهي من تهنئة السعودية على التدابير الإيجابية التي تقوم بها، حتى تسارع بالتعبير عن القلق الذي يساورها، أو عن ملاحظتها مع القلق، أو عن ضرورة إعرابها عن القلق من هذا أو ذاك، وربما كان القلق سمة متوارثة في لجان الأمم المتحدة التي يُعجزها تمام الرضا

.

ما يُقلق لجنة السيداو الموقرة هي نفس الهموم التي يشتغل عليها المجتمع السعودي بشكل ذاتي: الأحوال الشخصية، والسن القانوني للزواج، والعنف، والتجنيس، والتحرش، والولاية، هي نفس المسائل التي تـُناقش على صفحات الجرائد، وتحت قبة مجلس الشورى، وفي المجالس العامة والخاصة، وبعضها يتم حله وبعضها ينتظر التنظيم والوقت المناسب لتفعيل حلوله، فالأمر في حقيقته ليس اضطهاداً، ولا تقاعساً، ولا جهلاً، ولكن الشأن الداخلي لا يمكن أن يفهمه ويدرك أبعاده إلا من يعيش في الداخل، أما الإملاءات الخارجية التي لا تقدّر الكيفيات ولا النتائج فعليها أن تنتظر مهما اشتدت حدة القلق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store