Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

روسيا بوتين.. هل حان وقت الانتقام؟

ويبقى العرب مثل الأيتام على مائدة اللئام..! والمملكة العربية السعودية الوحيدة التي تتعامل مع سياسة المحاورالدولية في المرحلة الحالية بما تملكه من نفوذ وإمكانات مادية ومعنوية في العالمين العربي والإسلامي.

A A
روسيا -النقمة- لم تنسَ أنها هُزمت في الحرب الباردة.. تفكك الاتحاد السوفييتي وهوت الإمبراطورية مع جدار برلين وتوحيد ألمانيا واستقلت الدول التي كانت مغلوبة على أمرها تحت النظام الشمولي وأصبحت دولاً ذات سيادة بعد أن فتحت أبواب إعادة الهيكلة والشفافية.. وأعلن جورباتشوف نهاية عهد الإمبراطورية السوفييتية خلال ما سمي بالحرب الباردة التي صرفت أمريكا وحلفاؤها وكذلك الاتحاد السوفييتي خلالها ترليونات الدولارات على التسليح والاستعداد للحرب والحفاظ على توازن القوة حتى لا ينزلق العالم لحرب كونية ثالثة تحت رعب الدمار الشامل الذي تهدد به الأسلحة النووية التي يمتلكها الطرفان، وكان كل منهما يعد ويهدد باستخدامها والمساجلات تنعكس على الأمن والاستقرار والتنمية والاقتصاد في مجتمعات ودول الطرفين، المعسكر الغربي بقيادة أمريكا والمعسكر الشرقي بقيادة روسيا. كما أن شروط التعاون والتحالف والمعونات وضمان الحماية العسكرية كانت تسيطر على العلاقات الدولية والنشاط الدبلوماسي الثنائي وفي كل أنشطة الأمم المتحدة وصياغة المواثيق والقرارات الدولية التي تصدر عن كل تجمع متعدد الأطراف ويحشد كل معسكر الأتباع لدعم موقفه. والأمثلة كثيرة على ذلك لا يتسع المجال لتعدادها. وبرغم كل المناورات التي تتم في الخفاء ومن فوق رؤوس الحلفاء فقد كان هناك تفاهم بين قادة المعسكرين بأن أي انفلات للسلم العالمي سيؤدي لصراع مسلح مباشر وسيترتب عليه دمار شامل للعالم ولذلك اكتفوا بالحروب بالوكالة بين أطراف من الحلفاء الصغارالتابعين يتم بعدها الاحتواء والاتفاق على بعض التنازلات لنزع فتيل الأزمات والحيلولة دون وقوع مجابهات مسلحة بين القطبين.. كوبا وكوريا الشمالة أمثلة بارزة على تلك الأزمات.

على المسارات الدبلوماسية التحقت روسيا بدول الاقتصادات السبع الكبرى وخفَّت حدة التوتر مع دول النيتو ولكن مجيء بوتين رجل الاستخبارات المتمرس يبدو أنه كان يحمل مخططاً روسياً للعودة للعب دور كبير في السياسة الدولية وهي تملك المقومات من الموارد الطبيعية مثل البترول والغاز التي تمنحها مميزات مؤثرة لدى جوارها الأوروبي. بدأت بعدة اختبارات لجس النبض بقواتها الاستخباراتية والقوى الصلبة التي تملكها.

انفلات الأمن في سوريا مكنها من الإقدام إلى المياه الدافئة في شرق المتوسط وهذا ما منحها فرصة تأسيس قواعد عسكرية وتجارب ميدانية كل ذلك مع الأسف على حساب العرب والشعب السوري على وجه الخصوص. الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما استهان بإمكانية عودة روسيا ولم يراعِ أن القوى العظمى لا تنسى الإهانات، مثل ما تعرض له الروس بعد سقوط جدار برلين؛ وروسيا النقمة عبر التاريخ تتراجع وتعود للبحث عن دور لها من جديد.

صحيفة الغارديان البريطانية قالت بصراحه بأن روسيا بوتين على الجانب الخطأ من التاريخ بممارساتها في سوريا والتماهي مع نظام الأسد وإيران في تلك الحرب القذرة اللاإنسانية واستخدام أسلحة محرمة ضد مدنيين عزل، وآخر ما ظهر على العلن تحذير بوتين للغرب بأن عليهم أن يفهموا أن هناك واقعاً جديداً وأسلحة ميدانية متطورة تملكها روسيا. والواقع أنه مهما كانت طموحات فلاديمير بوتين فإن أمريكا يظل بيدها من المقومات العسكرية والاقتصادية والسياسية ما يمكنها من التصدي لطموحات روسيا وغيرها إذا ما أرادت أن تتحرك في ذلك الاتجاه ولديها من القدرات الاستخباراتية ما يمكنها من معرفة ماذا يدور في رأس بوتين وأجهزته الاستخباراتية ورغم ذلك فإن موازين القوى العالمية في وضع سيال من بداية القرن الحادي والعشرين، ويبقى العرب مثل الأيتام على مائدة اللئام..! والمملكة العربية السعودية الوحيدة التي تتعامل مع سياسة المحاورالدولية في المرحلة الحالية بما تملكه من نفوذ وإمكانات مادية ومعنوية في العالمين العربي والإسلامي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store