Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

أزمة تسميم عميل الاستخبارات المزدوج..!

وفي هذه العملية دروس كبيرة بأهمية العمل المؤسساتي وإمكانية فشل الأجهزة الاستخباراتية وأهمية الشفافية قبل وبعد الإقدام على اتخاذ القرارات الحساسة مثل طرد دبلوماسيين وخلق أزمة بين الدول

A A
ليست المرة الأولى التي يزج بحكومة بريطانية في أزمة تكاد تكون عالمية بسبب ما يترتب عليها من مخاطر بين الدول الكبرى ولكن في هذه المرة يبدو أن الأدلة والإعلان عنها من قبل المحققين البريطانيين كانت أكثر شفافية ولا مجال لإخفائها، والغريب في الأمر أن حكومة «تيريزا ماي» تسرعت في اتخاذ قرار بإدانة «بوتين» من طرف واحد وطرد الدبلوماسيين الروس وحشد حلفائها التقليديين للقيام بالمثل من واشنطن إلى أستراليا. «بوتين» وأجهزة استخباراته والإعلام الروسي نفوا علاقتهم بالحادث وطالبوا بالأدلة والمشاركة في التحقيق عن صحة ما ذهبت إليه الحكومة البريطانية وحلفائها وتحت ضغط إعلامي أخضعت الحكومة البريطانية الموضوع للبحث من قبل خبراء مختصين في البحث العلمي في مثل تلك الأمور طمعًا في أن تعطيهم الدليل القاطع بتورط روسيا بوتين في عملية تسميم الجاسوس المزدوج وابنته اللذين يعيشان في بريطانيا، وكانت النتائج على خلاف ما تمنته حكومة حزب المحافظين بزعامة»تيريزا ماي». وفي هذه العملية دروس كبيرة بأهمية العمل المؤسساتي وإمكانية فشل الأجهزة الاستخباراتية وأهمية الشفافية قبل وبعد الإقدام على اتخاذ القرارات الحساسة مثل طرد دبلوماسيين وخلق أزمة بين الدول.

​الأحزاب المعارضة في بريطانيا استغلت الفرصة للتنديد بإخفاق الحكومة وإحراج الدولة ككل أمام العالم والتورط في أزمة دولية ولم تلجأ أحزاب المعارضة للاصطفاف مع الحكومة في قضية أثبتت التحقيقات والمختبرات العلمية عدم صحتها لأن المصلحة العامة فوق كل اعتبار في دولة حكومتها ديمقراطية تعمل وفق أنظمة وتقاليد المؤسسات التي ترقى فوق الاعتبارات الفردية. هذه الحادثة تشكل بادرة في كيفية التعامل من قبل الحكومات والاستخبارات، وقد تكون آثار ورطة رئيس الوزراء السابق «توني بلير» في الحرب على العراق بجانب أمريكا برغم التحفظ الشديد الذي أبداه بعض أعضاء البرلمان البريطاني في ذلك الوقت لازالت تلقي بظلالها على المشهد السياسي البريطاني.وكما يبدو أن بوتين كسب الجولة وسيحصل على اعتذار رسمي وعودة الدبلوماسيين الذين تم طردهم من العواصم الغربية.

حكومة المحافظين في بريطانيا تمر بصعوبات متعددة الجوانب بسبب خروجها من الاتحاد الأوروبي وعدم وجود أغلبية مريحة في البرلمان تمكنها من تمرير كل القرارات التي تتوافق مع سياسة حزب المحافظين.والسؤال هل ستؤدي أزمة تسميم الجاسوس الروسي وابنته للإطاحة بحكومة تيريزا ماي؟ أم أنها ستكون أزمة عابرة تتجاوزها بريطانيا؟ ويبقى السؤال الذي لابد من الإجابة عليه .. من ارتكب عملية التسميم؟ ومن المستفيد منها؟ وهل كانت مدبرة من داخل بريطانيا أم إنها عمل خارجي يراد به تسميم العلاقات الدولية وتعقيد المشهد بين بريطانيا وروسيا؟

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store