Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عائشة عباس نتو

خالد الفيصل والمفتاحة.. الفن المقاوم

A A
فجأة، وكأنني كنتُ مُغيَّبة بقصدٍ أو بدون قصد، اكتشفتُ أن سنوات الجفاف الغنائي كانت تحمل لنا ينابيع حياة هناك في أبها البهية، حيث ذكريات مسرح المفتاحة، أو الأستاد المسرحي في وسطها، الذى تم افتتاحه في عام 1997م، وكان يتسع لـ3800 شخص، ويقع في مركز الملك فهد الثقافي.

أعوامٌ مرَّت ونحن نُكابر في تجاهل الفن والفنون، نُكابر في أن نُروّح عن القلب ساعة أو ساعتين.. نسينا أنفسنا ونسينا معها مسرح المفتاحة الذى كانت تُقام عليه الحفلات ومعارض الفنون. لا أحد يعرف ذلك إلا مَن عاش تلك الفترة الزمنية، حيث يمتلئ المسرح بأبنائنا من كل أنحاء الوطن.

كان حلماً واقعياً، أو واقعاً حالماً، وسط صخب التشدُّد من قِبَل البعض، حتماً، لستُ بصدد مناقشة هذا الجانب، لكنني أُجزم أننا كُنَّا من خلاله نستشعر أننا مثل باقي البشر في كل الدنيا.

اليوم أستعيد ذكريات المفتاحة، عندما استعاد ذكراها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في برنامج «بالمختصر» مع ياسر العمرو.

لقد أشار سموه في حديثه، الذي لا يمل، إلى النشاطات الماضية التي ما زالت تضيء أذهاننا البيضاء، واللوحات الفنية ذات الخطوط الجميلة من الفن التراثي، تلك التي ما زالت علامات على الطريق، ومؤشرات في المدى.

كُنَّا نُتابع الحفلات على الراديو والتلفزيون، نستنشق الأصوات عبر الأثير القادم من الجنوب. ما أروع أبها من مدينة! مَن لا يُحب نهارها يعشق ليلها، ومَن لا يُطرَب لمحمد عبده «تغريدة الفن»، كما وصفه الفيصل؟، ومَن لا يتمايل لعود عبادي الجوهر وصوته الضارب في الشجن؟. مَن مِنَّا لم يتذكَّر المفتاحة، ذلك المسرح الشاسع الذي ودّعنا فيه صوت الأرض طلال مدّاح في لقطة أبكت التاريخ.. ولا تزال؟.

إنه المفتاحة، مسرح احتضن الفن والفنون بحنانٍ شاسع. احتضن حتى الحياة الأبهاوية في شتى صورها الخلَّاقة، حتى بِتنا لا ندري أيهما أكبر عُمراً في أبها، أشجارها الباسقة بعنفوان، أم بيوتها ذات العمق التراثي الأنيق والمتصالح مع عفوية التضاريس على الأرض؟.. أيهما أكثر حلاوة؟ تلك الكلمات التي يستقبلك بها «الأبهاويون»، فما إن تُقَابِل أحدهم حتى تسمع منه «مرحبا ألف»، كتحيةٍ بشوشة نتناقلها فيما بيننا.

كنتُ أستمع إلى حديث الأمير خالد الفيصل وتجربة إمارة عسير، مستغرقة في مسافات الزمن، أحيا لحظات الاطمئنان، أُمارس غبطة الرجوع للحياة مجدداً، تلك التي بدأ القلب باستشعارها، ثم أتركها تغمرني، فلا أغادرها أبداً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store