Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

الحرم الثالث في عيني خادم الحرمين

ورغم أن العلاقات الأمريكية السعودية في الوقت الحاضر في أحسن أحوالها، إلا أن ذلك لم يمنع الملك المفدَّى من التأكيد مجدداً على اختلاف وجهتي النظر الأمريكية والسعودية حول القدس، مؤكدا بلغة صارمة وقوية على عروبة القدس وإسلاميتها، وإمعاناً في ذلك التأكيد سميت هذه القمة: "قمة القدس"

A A
منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله ومروراً بعهود أبنائه البررة: سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله رحمهم الله، وصولاً إلى عهد ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، مثّلت قضية فلسطين محور اهتمام المملكة الأول، وكانت مواقف المملكة ولا تزال إزاءها أقوى المواقف الدولية على الإطلاق بما في ذلك مواقف الشرق والغرب، ومواقف الدول العربية والإسلامية، وغير العربية والإسلامية، فالمواقف الدولية خلال سبعين عاماً مضت ومنذ نكبة 48م إلى نكسة 67م إلى اليوم، شهدت مداً وجزراً وتغيراً وتبدُّلاً، وبقيت المملكة، حصن الإسلام والعروبة الحصين على موقفها الثابت الذي لا يتغير بل لا يهتز ولا يميل قيد أنملة خلال هذه العقود السبعة، وهو ما أكده وشدد عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رئيس الدورة التاسعة والعشرين للقمة العربية التي انعقدت في الظهران بالمملكة العربية السعودية يوم الأحد التاسع والعشرين من رجب لعام 1439هـ حين استهلَّ يحفظه الله كلمته للقمة بقوله بوضوح تام: «هي قضيتنا الأولى وستظل كذلك، حتى حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على جميع حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية»، وهذه العبارات القوية جداً والصريحة جداً، ما عدنا نسمعها قليلاً أو كثيراً في المحافل الدولية العربية أو غيرها في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية والعسكرية العاصفة التي يشهدها العالم، الذي يتعمد صرف النظر عن أخطر قضية عرفتها البشرية على مدى الدهر بدعوى الانشغال بقضايا أخرى كثيرة، وهذا الانشغال المتعمد أراح الكيان الغاصب المحتل أيما إراحة ومهّد لخطوات ما كان يمكن أن تُتخذ من قبل تحت أي طائلة، وأهم وأخطر تلك الخطوات الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها. ومجدداً لم نسمع تصريحاً لأي زعيم في العالم أقوى من تصريح قائد هذه الأمة في هذا الشأن حين قال في كلمته الافتتاحية: «وإننا إذ نجدد التعبير عن استنكارنا ورفضنا لقرار الإدارة الأمريكية المتعلق بالقدس، فإننا ننوه ونشيد بالإجماع الدولي الرافض له، ونؤكد على أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية»، ورغم أن العلاقات الأمريكية السعودية في الوقت الحاضر في أحسن أحوالها، إلا أن ذلك لم يمنع الملك المفدَّى من التأكيد مجدداً على اختلاف وجهتي النظر الأمريكية والسعودية حول القدس، مؤكداً بلغة صارمة وقوية على عروبة القدس وإسلاميتها، وإمعاناً في ذلك التأكيد سُميت هذه القمة: «قمة القدس».

ولم يقتصر دعم المملكة لقضية فلسطين عامة والقدس خاصة على المواقف الحازمة الجازمة حيال هذه القضية، بل أتْبَع خادم الحرمين الشريفين هذا الدعم بدعم مادي سخي غير مسبوق تمثل في تبرع المملكة بمبلغ (150) مليون دولار لدعم الأوقاف الإسلامية في القدس، ومبلغ (50) مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بعد أن أخلت أمريكا بدعمها لها، وتخلت عنها دول أخرى كثيرة، وتبرُّع المملكة سيحل مشكلة الأونروا جذرياً.

هذا الاستنكار القوي الصريح للموقف الأمريكي من القدس شارك فيه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حين صوّر القرار الأمريكي بالمؤلم، خلال زيارته لأمريكا. وكثير من الأبواق التي تدّعي أن هناك مواقف لدول أخرى تمثل دول المواجهة لم تقدم دليلاً واحداً على صدق تلك الدول في مناصرة فلسطين وشعب فلسطين، ومقدساتها، وأولها إيران التي لا تسعى إلا لشق الصف الفلسطيني وإثارة الفتن في دول الخليج، والعالم العربي كله، وهو ما أدانته هذه القمة بوضوح وأثار حفيظة هذه الدولة المارقة.

لقد أثبتت هذه القمة الناجحة أن الأقصى: ثالث الحرمين الشريفين هو في عيني خادم الحرمين الشريفين الذي لا يضن على هذه المقدسات جميعاً بالدعم والتأييد والبذل والعطاء.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store