Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

الارتزاق الإعلامي

A A
في الوقت الذي ينشغل فيه المتخصصون في مجال الإعلام بمشكلة الأخبار الزائفة Fake News وتعريفها والبحث عن حلول لها، تطفو على السطح مشكلة أخرى مرتبطة لا تقل خطورة وإساءة وهي مشكلة «الارتزاق الإعلامي».

فبالنسبة للأخبار الزائفة نجد أن هناك اهتماماً عالمياً بها وتناولتها الكثير من البحوث والدراسات والكتب، في حين لم تحظ مشكلة «الارتزاق الإعلامي» رغم خطورتها ولو بقدر بسيط من ذلك الاهتمام.

وبهذا الشأن، هناك العديد من الأسئلة التي تبحث عن إجابات، ومنها مثلاً: هل الارتزاق الإعلامي مشكلة جديدة أم قديمة؟ هل هي مشكلة عالمية أم مرتبطة بعالمنا العربي؟ هل ترتبط بجنسيات محددة أكثر من غيرها، ولماذا؟ هل لها علاقة بالأوضاع السياسية أم أنها مسألة قيم وأخلاق شخصية؟ هل ساهمت التكنلوجيا في زيادة المشكلة وانتشارها؟ وأخيراً، هل هناك صفات محددة للمرتزق الإعلامي، وكيف يمكن مواجهته؟.

خطورة الارتزاق الإعلامي لا تقتصر على ما يحدثه من تشويه وتلويث لمهنة الإعلام، ولكنه أصبح أداة من أدوات الحرب بشكل مماثل لاستخدام مرتزقة الحروب في المعارك العسكرية والجاسوسية والتخريب.

​ويمكننا أولاً تعريف المرتزق mercenary بأنه شخص لا ينتمي للبلد يتم استئجاره للمشاركة في الحروب والعمليات العسكرية، ويكون المقابل المادي هو همه الوحيد دون اعتبار من قبله للجوانب الأخلاقية والقيم، وتجرده اتفاقية جنيف من صفة المقاتل وأسير الحرب وبالتالي لا يتمتع بحقوق المقاتلين وأسرى الحرب.

ومن هذا التعريف يمكن القول أن المرتزق الإعلامي، خاصة في عالمنا العربي يمكن تحديده بالصفات التالية:

1- لا ينتمي للبلد الذي يعيش فيه، وكثيراً ما يكون منشقاً أو خائناً لبلده الأصلي.

2- همه الأساسي هو المنفعة المادية، وينتقل دون تردد من بلد لآخر وفقاً للعرض الأفضل.

3- غالباً ما يكون لديه أكثر من جواز سفر أو جنسية، وحقيبة سفره جاهزة في أي وقت.

4- لا تعنيه القيم والأخلاق ويمارس الكذب دون حياء، ويستخدم العبارات الحادة والألفاظ البذيئة إرضاء لمن يدفع له.

5- تاريخه الإعلامي مليء بالأكاذيب والتناقض وتغير الولاءات والمواقف، والتركيز على العزف على الأوتار العاطفية.

مشكلة الارتزاق الإعلامي ليست جديدة وتمتد لعقود ماضية، خاصة لدى بعض الجنسيات العربية المقيمة في بعض العواصم الغربية مثل لندن وباريس وواشنطن، لكننا نراها اليوم بأبشع صورها وبشكل غير مسبوق عالمياً في الدوحة التي أصبحت الحاضن الأكبر لمرتزقة الإعلام سواء على أرضها أو في العديد من دول العالم الأخرى.

التكنلوجيا من ناحية أخرى ساهمت في تنامي هذه المشكلة سواء عبر صفحات مرتزقة الإعلام على شبكات التواصل، أو حتى عبر الشركات المتخصصة في التأثير على الرأي العام بواسطة حملات «السبام» والتعليقات المدفوعة.

أفضل الحلول لمواجهة الارتزاق الإعلامي هي من خلال كشف المرتزقة بالحجج والمنطق، وتوعية الناس، إضافة إلى دور الباحثين والمتخصصين في دراسة المشكلة علمياً وتحليلها واقتراح الحلول لها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store