Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

الوجود الأمريكي في المنطقة

قراءات المخططات الجيوإستراتيجية من قبل العرب مع الأسف ضعيفة جدًا لأن الكل منشغل بالاستهلاك الآني للمواد الكمالية متناسين المستقبل ومتطلبات الأجيال القادمة

A A
الصراع على الشرق الأوسط من قبل القوى العظمى ليس بجديد.. معاهدة سايكس بيكو لتقسيم المنطقة الى دول في بداية القرن العشرين أسست وجسدت عمق الارتباط مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا المبني على المصالح واستنزاف الثروات.. تدفق البترول في المنطقة بكميات تجارية عمَّق العلاقات، وكانت أمريكا وبريطانيا الرابح الأكبر خلال سبعة عقود من الزمن.. ثروات طبيعية هائلة وموقع إستراتيجي يربط الغرب بالشرق وطرق برية وبحرية وجوية استراتيجية وسوق استهلاكية تدعم اقتصاد أمريكا والدول الغربية بصفة عامة.. ارتباط العملات المحلية بالدولار الأمريكي وبيع كل منتجات البترول والغاز بالعملة الخضراء مرورًا من خلال نيويورك وقنوات الخزينة الأمريكية بما في ذلك الاحتفاظ بالفائض وشراء الأسلحة بمئات المليارات، كل هذه الميزات تمتعت بها أمريكا وبريطانيا.

انتعاش المنطقة وبداية إصلاحات وهيكلة جديدة وقيادات شبابية يثير ليس الفضول وحسب ولكن الحذر والتخوف من فقد السيطرة وهذا ما يحرك المناورات ومخططات تفكيك دول المنطقة من أجل إضعافها والحفاظ على الاعتماد على الغرب التي تمتعت بها أمريكا وبريطانيا على مدى ما يزيد على نصف قرن من الزمن.

قراءات المخططات الجيوإستراتيجية من قبل العرب مع الأسف ضعيفة جدًا لأن الكل منشغل بالاستهلاك الآني للمواد الكمالية متناسين المستقبل ومتطلبات الأجيال القادمة.

النهضة التعليمية مفتاح الفكاك من الارتباطات ولكن الجهل لازال يخيم بظلاله على المنطقة، والأمثلة حية تصدمنا في كل لحظة تمر في سوريا واليمن والخلافات الفلسطينية/ الفلسطينية بين أبناء شعب تعرض لأسوأ مآسي التاريخ ولازالوا غير متَّحدين حول هدف قضيتهم!.

كما أن خروج قطر عن الصف الخليجي يجعل أمريكا في موقع غريب إذا صدقت في ظاهر نواياها فيما يخص إيران والتزاماتها مع دول مجلس التعاون الخليجي.. ومن المعلوم أن أمريكا وإسرائيل على موجة واحدة وهذه معضلة الشرق الأوسط الكبرى من بداية الدولة الصهيونية في المنطقة.

وواقع الأمر إنه لا يوجد نظام عربي موحد حول كل القضايا الجوهرية والمركزية ولذلك تعثر الكثير من المشاريع التنموية وكانت حرب العراق وإيران وأخيرًا غزو الكويت وحرب الخليج التي كلفت الكثير ولازالت المنطقة تعاني من آثارها والمستفيد الأكبر ما يسمى بالحلفاء الضامنين وإسرائيل.. ثورة الخميني أتت في وقت كانت المنطقة تبحث عن نفس جديد وانجرفت بعض الدول العربية وقاعدة كبيرة من الشعب العربي للأمل فيها وأغفل جانب المخطط الصفوي بعيد المدى.. وبعد سقوط العراق تمكنت إيران ومدت أذرعًها إلى سوريا ولبنان واليمن.

متغيرات السياسة الدولية من بداية القرن الحادي والعشرين تمر بتقلبات سريعة وغياب إستراتيجية عربية موحدة من الخليج إلى المحيط يشكل خللاً كبيراً في مستقبل الأمة العربية.

اجتماع القمة العربية في دورتها الـ29 والتركيز على القدس له دلالة واضحة من قيادة المملكة العربية السعودية.. فهل تتوفر الإرادة السياسية العربية للنهوض من سبات الغفلة والاعتماد على الأحلاف الميكافلية وإيقاف النزيف في سوريا واليمن ورسم استراتيجية عربية تحد من ثغرات الابتزاز الدولي والتركيز على الإصلاحات الداخلية بشكل جدي؟ أم أن الأجيال العربية ستظل تتوارث الإخفاقات

وتتباكى على أمجاد ما أهمل التاريخ وضيعته الفتن والانقسامات في داخل البيت العربي الذي كبرت مساحته وارتفعت أسوار الكبت والحرمان بداخله؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store