Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
لمياء باعشن

«مشروع عماد» والسياسة النووية

من خلال فحص نحو 55 ألف صفحة من المستندات و183 اسطوانة مدمجة من المعلومات السرية والاستخباراتية، اكتشفت اسرائيل إن إيران كانت تخزن مواد مشروع "عماد" النووي لاستخدامها في الوقت الذي تختاره لتطوير سلاح نووي متقدم، مما يوضح أن إيران قد خدعت العالم بإنكار أنها كانت تسعى لإنتاج أسلحة نووية، بينما واصلت في الخفاء الحفاظ على خبراتها المتعلقة بالأسلحة النووية.

A A
بعد ساعات من ضربة قوية استهدفت قواعد إيرانية في سوريا، أطل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على شاشات التلفزيون، مساء الاثنين الماضي، ليعلن عن تطور كبير يخص الاتفاق النووي مع إيران. من خلفه ظهرت جملة «إيران تكذب»، التي تم تثبيتها على شاشة تلفزيونية ضخمة لتؤكد فحوى العرض الذي سيقدم فيه أدلة الكذب.

قال نتنياهو إن إيران قد خدعت العالم بشأن برنامجها النووي، ثم صرّح عن قيام المخابرات الإسرائيلية (الموساد) بمراقبة مستودع سري في طهران كان يستخدم لتخزين ملفات خاصة ببرنامج إيران النووي، وعند اقتحامه في يناير الماضي سحبوا الوثائق الأصلية ونقلوها إلى إسرائيل في نفس الليلة، وحينها اتضح أن إيران قد كثفت جهودها لإخفاء الأدلة على برنامجها النووي، ونقلت سجلاتها إلى موقع سري في منطقة شوراباد حيث حفظت أرشيفها في ملفات ضخمة.

من خلال فحص نحو 55 ألف صفحة من المستندات و183 اسطوانة مدمجة من المعلومات السرية والاستخباراتية، اكتشفت اسرائيل أن إيران كانت تخزن مواد مشروع «عماد» النووي لاستخدامها في الوقت الذي تختاره لتطوير سلاح نووي متقدم، مما يوضح أن إيران قد خدعت العالم بإنكار أنها كانت تسعى لإنتاج أسلحة نووية، بينما واصلت في الخفاء الحفاظ على خبراتها المتعلقة بالأسلحة النووية.

هل كان موقف إيران المعلن مناقضاً لما تمارسه في الخفاء؟ وما هو مشروع عماد السري؟ تزعم إيران دائماً أن برنامجها النووي ليس له أهداف عسكرية وأنه مخصص لأغراض سلمية هي إنتاج الطاقة، إلا أن «عماد»، هو الاسم السري للمشروع النووي الشامل لتصميم وبناء واختبار الأسلحة النووية يشهد بغير ذلك، فبه تدور عملية التخصيب لإنتاج اليورانيوم الأصفر بهدف إنتاج خمسة رؤوس نووية، تبلغ قوة كل منها 10 كيلوطن من مادة تي إن تي شديدة الانفجار، وتحميلها على صواريخ فيما يعادل 5 من قنابل هيروشيما.

تؤكد إسرائيل أن إيران، حين تستمر في تطوير برنامجها النووي، فهي تخترق التزاماتها أمام المجتمع الدولي. في عام 2015، وافقت إيران على الحد من برنامجها النووي في مقابل رفع العقوبات. ووفقًا للاتفاق، فإنه يتوجب على إيران خفض عدد أجهزة الطرد المركزي التي تستخدم لتخصيب اليورانيوم، وبهذا يكون الاتفاق النووي ضمانة للسلم الدولي والاستقرار. وسواء صدّق العالم مزاعم إسرائيل بعد التحقق من الوثائق التي جلبتها من إيران، وسواء اقتنع ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، يبقى السؤال الأهم قائماً، خصوصاً في ظل المحادثات المكثفة مع كوريا الشمالية في صدد حيازتها للسلاح النووي وتخليها عنه. والسؤال هو: هل أصبحت الإستراتيجيات السياسية حول العالم محكومة بهذا الشرط القاتم، أن تملك أي دولة السلاح النووي أو لا تملكه؟

تؤثر حيازة الأسلحة النووية على عملية صنع القرار في السياسات الخارجية إلى درجة أن مصطلح السياسات النووية Nuclear Politics

أصبح يربط بين جميع التفاعلات الجيوإستراتيجية والجيوسياسية وبين الانتشار النووي بشكل لا يُمكّن من الفصـل بينهما. فمنذ استعمال القنبلة النووية ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية دب الخوف في قلوب الدول جميعاً حتى أصبحت لا ترى أنها قوية إلا لو امتلكت سلاحاً نووياً، وأصبح هذا السلاح هو معيار التفوق والهيمنة الدولية.

وعليه فقد تفاقم السباق النووي بين الدول، وازداد عدد الحائزين عليه من 2 إلى خمسة، ثم إلى تسعة، وما زالت المنافسة قائمة على المركز العاشر. ورغم تعاون الدول الكبرى في تحصين القوى النووية وتنظيم المجتمع الدولي بحظر التجارب النووية وعدم الانتشار النووي، إلا أن التقدم الهائل في التكنولوجيا العسكرية يظل هاجساً قوياً قبل أن يكون رادعاً لقيام الحروب العالمية المدمرة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store