Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

رقيُّ الأمم في سلامة لغتها

في هذه الأيَّام التي تُباشر فيها قيادة بلدنا الرشيدة أولى خطوات تطبيق خطَّة 2030 للحاق بالعالم الأول عِلمًا ومعرفةً، من المؤكَّد إعطاء لغتنا الجميلة حقَّها من الأولويَّة في التعليم، أسوة بشعوب تعرَّضت في منتصف القرن العشرين المنصرم لدمارٍ شامل لبنيتها التحتيَّة، وتمكَّنت من إثبات ذاتها، ممَّا أهَّلها للتربُّع على قمَّة الاقتصاد العالمي

A A
يبدأ الطفل بالكلام، ثمَّ يتعلَّم القراءة والكتابة. ومن كان نطقه صحيحًا، تكون قراءته وكتابته صحيحتين. المهمُّ في الأمر بدايات الكلام واستيعاب الطفل لما يسمعه، ويستعيد نطقه. فالعجز بالقِرَاءة والكتابة ليس تخلُّفًا بالضرورة. ففي ذاكرة التاريخ يتواجد الكثيرون من رواة القصص ومراجعي ما يسمعونه من المتعلِّمين؛ إذا وجدوا في النص المسموع ما لا يتَّفق وسلامة اللُّغة.

في أيَّامنا هذه، ومنذ نحو خمسة عقود، أُوكلت العمالة المستوردة من بلدان الشرق الأقصى في غالبية بيوتنا بمهمَّة العناية بالأطفال بدلاً من الوالدة، التي غالبًا ما تتفرَّغ لشؤونها الشخصيَّة، وجلسات سمر مع الصديقات حتَّى مطلع الشمس. يُقابل ذلك انشغال الوالد في عمله نهارًا، ومع أصدقائه في جلسات الشيشة وورق البلوت مساء! الأمر الذي أفقد الأطفال النطق السليم بلهجة آبائهم وأجدادهم. ومهَّد لهم الطريق إلى المدارس الأهليَّة، حيث الإنجليزيَّة هي لغة التعليم الأولى.. ففقدوا بذلك ملكة اتقان الكتابة بالحرف العربي، ناهيك عن تعذُّر قراءتهم لما يُكتَب لهم باللَّغة العربيَّة! ويتابعون مراحل تعليمهم لغاية المرحلة الثانويَّة داخل المملكة، والجامعيَّة لمن كُتبت لهم الدراسة خارجها. فتجدهم بدخولهم الحياة العمليَّة في موطنهم لا يُجيدون القراءة السليمة ولا الكتابة باللُّغة التي اختارها الله لقرآننا الكريم. وبينهم وبين تراثنا الحضاري الذي أنار طريق العلم والمعرفة على مدى قرون عديدة ودٌّ مفقود.

في هذه الأيَّام التي تُباشر فيها قيادة بلدنا الرشيدة أولى خطوات تطبيق خطَّة 2030 للحاق بالعالم الأول عِلمًا ومعرفةً، من المؤكَّد إعطاء لغتنا الجميلة حقَّها من الأولويَّة في التعليم، أسوة بشعوب تعرَّضت في منتصف القرن العشرين المنصرم لدمارٍ شامل لبنيتها التحتيَّة، وتمكَّنت من إثبات ذاتها، ممَّا أهَّلها للتربُّع على قمَّة الاقتصاد العالمي.. واستشهِد باليابان وألمانيا اللتين وضعتا لغتهما قراءةً وكتابةً منطلقًا لمسيرة البناء، فحقَّقتا المعجزات. فما بالك بحال أمَّة أكرمها الله بتنزيل قرآنها الكريم بلغتها؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store