Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

عيد الأمن.. في عالم يموج بالضياع

A A
حلَت أيَّام عيد الفطر المبارك، وكلُّنا أمل ورجاء من ربِّ العباد قبول صيامنا وطاعتنا في شهرهِ الكريم. وعدنا إلى حياتنا الرتيبة من تناول وجبات الفطور والغداء والعشاء، وما بينهما من نقنقات وتلبيبات، ومن تبادل التهاني عبر رسائل الواتساب، وما شابهها من وسائل التواصل الاجتماعي، حتَّى لأقرب الناس منَّا من أهل وجيران وأصحاب، وبتبادل بطاقات التهنئة الإلكترونيَة متقنة التصميم والطباعة، التي وفَّرتها لنا تقنيات الصينيّين.

فات على أبنائنا وأحفادنا ما كُنَّا عليه في طفولتنا من فرحٍ ومرح عند سماعنا مَدَافع العيد، ومن كسوة العيد الوحيدة كلَّ عام عند كثيرين منَّا، لتأخذ مكانها حتَّى مطلع الفجر في فراش كلٍّ منَّا، لنرتديها ونتبختر بها عند مرافقتنا الوالد، ومَن هُم أكبر مِنَّا سنًّاً لصلاة العيد، وما يتبع الصلاة من تبادل الزيارات مع الأهل والجيران والأصحاب، وما نحظى به من المهنِّئين من عيديَّات، كانت وقتها بضعة ريالات، نصرفها على ألعاب العيد وحلوياته وفوله وبليلته. أشياء بسيطة عند مقارنتها بما لدى أطفالنا اليوم من مراكز تسلية وترفيه، ومن أسواق ومولات تعرض على مدى العام من الألعاب والملبس والمأكل ما لا يُقارن بما كُنَّا قانعين بقليله، ولأيَّام ثلاث في عيد الفطر، وأربعة في عيد الأضحى.

في ذلك الزمن لم تكن تقنية المعلومات والتواصل الاجتماعي والتلفزيون والفضائيَّات قد وصلت أسواقنا، ودخلت أبواب بيوتنا، حتى غُرف نومنا! وما دامت مدينتنا وبلدنا في خير فالعالم بخير.

واليوم، تمكَّنت تقنية المعلومات من تقريب البعيد، ومن متابعتنا ساعة بساعة ما يجري حولنا من أحداث، في مناطق عدة من عالمينا العربي والإسلامي من فتنٍ وكوارث، وقتل وتدمير وتهجير جعلت فرحة العيد وبهجته تختفي من وجوهنا، وأخذنا نُردِّد مع الشاعر المتنبي قوله قبل أكثر من ألف ومئة سنة:

عِيدٌ بِأَيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يَا عِيدُ

بِمَا مَضَى أَمْ بِأمْرٍ فِيكَ تَجْدِيدُ!

ويجد قارئ التاريخ أنَّ آلام الأمَّة ومآسيها ما تزال متواصلة من قِبَل المتنبي ومن بعده. وتزداد اليوم قسوة وبشاعة في عدد من البلدان العربية والإسلامية التي ساد فيها القتل والتدمير والتشرد والتهجير.

حالة قاربت أن تدخل موسوعة جينز إن لم يكن قد دخلته بالفعل، وتكتَّمت القوى المتحكِّمة بشعوب العالم عن التصريح بدخولها.. فشهيَّة الحاسدين والطامعين والطغاة ما تزال تطلب المزيد انتقامًا من سلالة من قضوا على عرش هرقل وإيوان كسرى، وحرَّروا بيت المقدس من صليبيِّ الغرب الذين تحكَّموا فيها وفيما حولها من بلاد الشام لقرنٍ كامل من الزمن.. وشهيَّتهم نجدها اليوم مفتوحة على مملكتنا، التي أكرمها الله بالحرمين الشريفين؛ قبلة للمسلمين، -العصية عليهم بإذن الله- نراهم يعملون دون كللٍ أو ملل على محاولة زعزعة أمن بلدنا واستقراره، مُتناسين وعد الله بنصر من ينصره.. ولدينا –بحمد الله- قيادة رشيدة قامت على نصرة دين الله الحقِّ، وعملت على تقوية بنيان الدولة وتمتينها بما يُمكِّنها من توفير الأمن والأمان، واللحاق بركب مَن سبقنا من شعوب العالم الأوَّل علمًا وتقنية، في عالم يموج بالضياع.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store