Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمود إبراهيم الدوعان

الخطب الجُمعية

A A
أعان الله إخواننا أئمة المساجد، خاصة المُكلَّفين بإلقاء خطبتي الجمعة، وتجهيزها، والإعداد المسبق لها، وإلقائها على مسامع الناس، وحثّهم على تقوى الله والعمل الصالح، وتنبيه الغافلين طوال أيام الأسبوع بالعودة والرجوع إلى الله، وتعديل مسار حياتهم، إذا حدث فيها (لا قدر الله) نوع من الاعوجاج، أو الخروج عن الطريق المستقيم.

وحسب علمنا أن معظم الخُطب التي تُلقَى في المساجد هي من اختيار خطيب الجمعة، والبحث عن الموضوعات التي تهم المسلم، وتحثه على التقرب إلى الله واتباع هدي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وما جاء به، والبعد كل البعد عما يُغضب الله ويُخالف تعاليم نبيّه -عليه الصلاة والسلام- أو ممارسة العمل الذي يُنافي تعاليم ديننا الحنيف، ولكن بعض الخطباء -هداهم الله- يُلقي الخطبة لمدّة نصف ساعة في كلام عام، وموضوعات بعيدة عن واقع الحال اليوم، والإطالة والإعادة حتى يمل المستمع من الإطالة والتكرار ويصيب الناس النعاس، ويفقد المستمع التركيز ويخرج من الصلاة وهو لا يدري ما موضوع تلك الخطبة، وتكون الاستفادة من الموعظة شبه مفقودة.

كما أن بعض الخطباء يُركِّز على موضوع معين، ويبرز أهم نقاطه من الإيجابيات والسلبيات في جمل مختصرة، ومعان مفيدة معززة بالأدلة من القرآن والسنة، ويصل إلى الهدف المنشود من الخطبة في زمن قصير جدًا لا يتجاوز (العشر دقائق، سبع دقائق للخطبة الأولى، وثلاثة دقائق للخطبة الثانية)، ثم تقام الصلاة، وتقضى في مدة خمس دقائق.

كان من أبرز صفات النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- قصر الخُطب الجُمعية، وتنبيه الغافلين بالتقرب إلى الله، والتمسك بالكتاب والسنة، وكان يعرض موضوع الخطبة بكلماتٍ موجزة، وعبارات سهلة ومفهومة، وتوصيات نبوية، وتوجيه بتقوى الله والتمسك بأهداب الدين الحنيف.

ما أحوجنا اليوم أن تكون خطبة الجمعة مقرونة بالنصح والإرشاد، خاصة في الموضوعات التي انتشرت وأصبحت تعمّ معظم المسلمين مثل: أكل الربا، وعقوق الوالدين، وتأخير حقوق المكفولين، والكذب، والنفاق، والغيبة، والنميمة، وسوء الأخلاق، وشرب الخمر، والغش، والتدليس، وفعل المنكرات ما صغر منها وما كبر، وتعطيل مصالح الناس وهضم حقوقهم، والتبرُّج والسفور، والتبذير في الإنفاق حتى حد السفه، وأكل مال اليتيم، والرشوة، وكثير من القضايا التي تستحق التذكير والتنبيه للمسلم؛ الذي تحيد به مشاغل الحياة عن الطريق القويم.

رحم الله الشيخ عبدالعزيز بن صالح إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، ورئيس المحاكم الشرعية بالمدينة المنورة، والذي قضى في محراب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حوالى نصف قرن من الزمان حين يُردِّد في كل خطبة جمعة حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يقول: «الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني».

أصلح الله أحوال الجميع من الخطباء، والأئمة، والمؤذنين، وجزاهم عنّا كل خير لما يُقدِّموه من نصحٍ وإرشاد وتوجيه تجاه إخوانهم المسلمين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store