العشر الأواخر في الحرمين الشريفين

العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك لهذا العام لها طعم خاص في الحرمين الشريفين من حيث التجلي، والروحانية، والطمأنينة، التي تريح قلوب القاصدين من طالبي الأجر والمثوبة من الله، والاجتهاد في العبادة خاصة وأن فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، خصوصاً إذا كانت هذه العشر مقرونة بالخدمات المميزة، والتنظيم الجيد، من أجل راحة الزائرين والمعتمرين.

خدمات جليلة قدمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين -حفظهما الله- اللذين حرصا على الوجود الشخصي بين زوار المسجد الحرام، وبمتابعة لصيقة لكل ما يجري في مكة المكرمة.

ومن مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، حيث العمل الدؤوب في مسجد رسول الله، وبإشراف شخصي من أمير منطقة المدينة الأمير فيصل بن سلمان -رعاه الله- وكل ما يهم الزوار والعمار.

نقل المعتكفين ومستلزماتهم من الفرش، والأغطية، وخلافه إلى الطابق العلوي من المسجد النبوي الشريف، وتفريغ المسجد تمامًا للمصلين، هو أمر في غاية الأهمية، تُشكر عليه الرئاسة العامة لشؤون الحرمين في إنفاذه، لإراحة عباد الله من عدم انتظام المعتكفين السابقة من تناثر للفرش، وانتشار للروائح، وافتراش المسجد للنوم في كل مكان، مما يُعيق أداء الصلوات، وقراءة القرآن، أو حتى أداء صلاة السنن، والنوافل، مثل صلاة الشروق والضحى، أو حتى قبل أذان صلاة الظهر، حيث كان المعتكفون يغطون في نوم عميق، حتى دخول وقت الأذان. ونقل المعتكفين في حد ذاته خطوة صحيحة لخدمة قاصدي المسجد النبوي الشريف.

نظافة المسجد كانت في أجمل صورة، علمًا بأن الأعداد كانت كبيرة جدًا، ودرجات الوعي عند بعض القاصدين كانت محدودة، ولكن الخدمات المستمرة والسعي الدؤوب لنظافة المسجد كان كافيًا لتلافي هذه الأخطاء امتثالا لقول الله تعالى: (وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود).

السقاية وتنظيم حاويات المياه ووضعها في أماكنها وتوفيرها بشكل كاف لأعداد تفوق النصف مليون زائر ومعتمر من ماء زمزم مع توزيعها على السُّفَر عند موعد الإفطار، وتوزيع أكياس النفايات لجمع بقايا السُّفَر، ووضعها في أماكنها المخصصة، كان له أثر جميل في نفوس الصائمين.

تنظيم ممرات الدخول والخروج من المسجد الشريف، وتوزيع الداخلين وإرشادهم للجهات الشاغرة في المسجد، كانت منظمة بشكل جيد، وكان يشرف عليها مجموعة من الشباب السعودي وهم غاية الهدوء وحسن التعامل مع مرتادي المسجد، وحرصهم الشديد ألا تُسَد منافذ الدخول والخروج خاصة في أوقات الذروة.

الوجود الأمني كان أكثر من جيد؛ داخل وخارج الحرم، والإشراف على البوابات وتنظيم عملية الدخول كانت من الأسباب التي ضمنت انسيابية الحركة خاصة عند اندفاع المصلين للخروج من المسجد الشريف.

هناك بعض الملحوظات البسيطة التي لا يمكن أن تقلل بشكل أو بآخر من منظومة العمل الكبير والجهد المميز المبذول داخل المسجد النبوي الشريف ومنها على سبيل المثال: تقديم المشروبات الساخنة من الشاي والقهوة أمام بوابات الخروج من الحرم، خاصة في أوقات الذروة بعد الإفطار وخروج المصلين، مما يسكب الكثير منها على ثياب المصلين لشدة التدافع عند البوابات، وإن كان ولابد من تقديم هذه الخدمة فلتكن في نفس مكان الإفطار وليس عند البوابات، ونفس الكلام ينطبق على موزعي التمور عند البوابات، حيث يُرمَى النوى ويلتصق بأقدام الخارجين والداخلين، مما يُوثِّر على فَرْش الحرم؛ الأمر الآخر هو تسابق الأطفال وجريهم بين الصفوف، وإزعاجهم للمصلين في التوسعة الشرقية، خاصة أثناء صلاة التهجد، أمر غير مقبول تمامًا ونأمل وضع حد له.

نعم، إن رمضان المبارك هذا العام كان مميزًا في الحرمين الشريفين، وذلك بفضل من الله، ثم بفضل الجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين، وبمتابعته الشخصية الدائمة لراحة قاصدي الحرمين، وبتوجيهات سمو ولي عهده الأمين لجميع القائمين على شؤون المسجدين، في تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن في هذا الشهر الفضيل، وكذلك متابعة سمو أمراء المناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة لراحة الزوار والعمّار، والشكر موصول للرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين، ورجال الأمن من قطاعات وزارة الداخلية المختلفة، ووزارة الصحة، وغيرها من الجهات ذات العلاقة مما سهَّل أمور الزوار والعمّار، وحقق أمانيهم في أداء شعائر الله وهم في راحة وطمأنينة وأمن وأمان.