Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

هدايا تراثية فلسطينية للأمير وليام والأسرة البريطانية

إضاءة

A A
عندما طلب الأمير البريطاني وليام من الباعة الفلسطينيين أن يضعوا له نصف كيلو من أكلة الصفيحة الفلسطينية في علبة، اصطحبها معه، تمنيتُ أن يأخذ أكلات وأزياء وهدايا تراثية فلسطينية أكثر من أن تُعَد.

إنه تراث قديم وجميل أيها الأمير البريطاني المهذب، لم يستطع الاحتلال الإسرائيلي طمسه بعد تنفيذ وعد بلفور، ولن تتمكن قوة في الأرض من محوه بعد صفقة القرن!

لعلك تناولت أثناء زيارتك التاريخية طبق المسخن، الذي ابتكره الفلسطينيون منذ العصور الموغلة في القدم.

كنت ودودا أيها الأمير البريطاني وأنت تزور مخيم الجلزون للاجئين الفلسطينيين وتتحدث مع طالبات المدرسة.. لعلك سمعت منهن بعضا من تاريخ فلسطين القديم. لعلهن أسمعوك قصيدة الجنود لسميح القاسم:

يا أيها النيام

اليوم للأعراس

دُقّوا له الأجراس

وارفعوا الأعلام

لاقُوه في حماس

لاقوه بالهتاف.. بالأفراح.. بالأغاني

هبّوا اصنعوا أعظم مهرجانِ

غَطُّوا المدى بأغصانِ الزيتون

وطيّروا الحمام

جاءكم السلام.

لعلهن رددوا أمامك أيها الأمير البريطاني النبيل أبياتًا لمحمود درويش عن فلسطين، يقول فيها:

عام يذهب وآخر يأتي، وكل شيء فيك يزداد سوءًا يا وطني. قصب هياكلنا وعروشنا قصب.. في كل مئذنة حاو ومغتصب.. يدعو لأندلس إن حوصرت حلب. وليسَ لنا فِي الحنين يَد.. وفي البُعد كان لنا ألف يَد.. سلامٌ عليك، افتقدتكَ جدًا.. وعليّ السَلام فِيما افتقِد!. يا صديقي!.. أرضنا ليست بعاقر كل أرض، ولها ميلادها.. كل فجر وله موعد ثائر.!

لعل واحدة من الطالبات رددت أمامك أيها الأمير وليام:

فلسطينية العينين، والوشم فلسطينية، الاسم فلسطينية الأحلام والهم، فلسطينية المنديل والقدمين والجسم، فلسطينية الكلمات والصمت، فلسطينية الصوت، فلسطينية الميلاد والموت، حملتك في دفاتري القديمة نار أشعاري، حملتك زاد أسفاري وباسمك صحت في الوديان: خيول الروم! أعرفها وإن يتبدل الميدان!

عندما تعود أيها الأمير إسأل والدك الأمير تشارلز عن سميح القاسم ومحمود درويش.. إنه يعرفهما يقينا كما يعرف بقية شعراء الأرض المحتلة وتراث الأرض المحتلة.

إنه التراث العريق مقابل دولة محتلة بلا تراث.. إنها فلسطين أيها الأمير بمساجدها العريقة يتصدرها على الأرض وفي قلوب المسلمين المسجد الأقصى الذي أسرى إليه النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم.. وكنائسها القديمة وأيقونتها كنيسة المهد، حيث موقع ميلاد السيد المسيح عليه السلام.

لعلك زرت مدينة الخليل القديمة حيث الحرم الإبراهيمي، إنها الخليل أكبر مدينة فلسطينية من حيث المساحة وعدد السكان بعد غزة.

لقد سُمّيت الخليل بهذا الاسم نسبة إلى النبي إبراهيم.

تمنيتُ أيها الأمير أن تخرج من فلسطين محملًا بالهدايا التراثية الجميلة لحميع أفراد العائلة.. للجدة الملكة اليزابيث، والجد الأمير فيليب، وللوالد الأمير تشارلز، وللأمراء اندرو واداورد وايرل وسكس وآن. للزوجة كاثرين دوقة كمبردج، وللأبناء جورج ولويس وللأميرة شارلوت.

تمنيتُ لو أخذت لهم الأثواب الفلسطينية الشهيرة بالتطريز الفريد من نوعه، والتي تطورت منذ العهد الكنعاني.

تمنيتُ لو أخذت للرجال منهم القمباز الفلسطيني الجميل، والكوفية الفلسطينية الأجمل.

تمنيتُ لو حكيت لهم ما علمته عن الدبكات والرقصات الفلسطينية، (الكرادية) والدلعونة، ورقصة السحجة أو الدحيَّة، وهذه الأخيرة يجتمع فيها المشاركون في فريقين متقابلين يتبادلون الغناء والتصفيق بإيقاع معين، تعبيرًا عن النضال الفلسطيني وتمسكًا بالهوية الفلسطينية.. مهما كانت قسوة وعد بلفور، ومهما ستكون صفقة القرن.. ومهما مضت السنون والقرون.. عائدون.. عائدون.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store