Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

صفقة القرن الأفريقي وصفعة القرن الصهيوني!

أتحدث عن صفقة تعيد الأرض لأصحابها وتفتح الموانئ لجيرانها، وتغلق اليأس من كتابها، وتفتح الأمل لشعوبها، وبين أخرى تلتهم الأرض، وتغير حقائق التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية، وتهدم البيوت، وتزيد أعداد اللاجئين والمشردين، وتدنس المقدسات الإسلامية والمسيحية!

A A
هكذا تكون الصفقات لا الصفعات، وهكذا تكون في العلن لا في الخفاء! في وضح النهار لا في الظلام! هكذا تكون الصفقات التي يصفق لها العالم وترقص لها الشعوب في الشوارع.. العمال في المصانع والفلاحون في المزارع!

أتحدث هنا عن الفرق بين صفقة القرن الأفريقي التي تمت مؤخراً بين أثيوبيا وأرتيريا، وبين صفقة القرن الصهيوني الغامضة التي يعمل البعض على إتمامها في السر، ويتبرأ منها الجميع في العلن! بين صفقة تنقلها التلفزيونات على الهواء، وأخرى يخجل البعض منها ويتبناها آخرون بلا حياء!

أتحدث عن الفرق بين صفقة يهدد الوسيط بإعلانها على الملأ إذا لم يذعن أحد الأطراف لها قبل إعلانها، وكأنها «فضيحة» أو «سبة» أو عمل شائن! وبين أخرى تزهو أطرافها بها، وتدعو الجيران للمشاركة فيها وتقاسم نتائجها وثمارها!

أتحدث عن الفرق بين صفقة يعتبرها الجيران الأردنيون والمصريون في أغلبهم «جرسة» وأخرى يعتبرها الجيران الصوماليون والجيبوتيون «فرصة»! لقد زاد من جمال الصفقة الأفريقية الأخيرة، ردود الفعل السريعة التي صدرت من وعن الصومال الطامح للانعتاق من الإرهاب والتأخر، ومن جيبوتي الهادئة المصاهرة لأثيوبيا من جهة، وللصومال من كل الجهات.

أتحدث عن صفقة تعيد الأرض لأصحابها وتفتح الموانئ لجيرانها، وتغلق اليأس من كتابها، وتفتح الأمل لشعوبها، وبين أخرى تلتهم الأرض، وتغير حقائق التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية، وتهدم البيوت، وتزيد أعداد اللاجئين والمشردين، وتدنس المقدسات الإسلامية والمسيحية!

لقد بات من الثابت أن الشعبين الأثيوبي والأرتيري قبل الزعيمين أبي أحمد وأفورقي يضمنان صفقة السلام والرخاء والتنمية وحفظ الكرامة، فيما لا يجد الشعب الفلسطيني في صفقة السر والخفاء والبنود الخفية والملاحق السرية من يضمن لهم الحد الأدني من حقوقهم. وفي ضوء ذلك يمكن القول إن صفقة القرن الأفريقي، ولدت ناضجة وقوية، فيما تمر الصفقة الأخرى بحالة صحية خطيرة تهدد باجهاضها!

والواقع أن هدم السلطات الإسرائيلية لقرية خان الأحمر البدوية في الضفة الغربية المحتلة، ثم قرار المحكمة الإسرائيلية بوقف أعمال الهدم مؤقتاً يؤكد أن صحة صفقة القرن «بعافية» كما يقولون في الموروث الشعبي العربي الذي يشير الي المرض بطريقة مهذبة! فاذا أضفت الى ذلك مشهد السيدة الفلسطينية وهي تتصدى للقوات المداهمة للخان، التي لم تجد مفراً من شراسة الفلسطينية سوى نزع حجابها وسحبها أو دهسها على الأرض، يصبح من المنطقية الواقعية القول بأن الصفقة لن تمر بسهولة!

والمعنى أن نزع حجاب الفلسطينية الثائرة والرافضة لهدم منزلها ومحو الخان الفلسطيني الأحمر، إنما هو يعني بصورة أو بأخرى أن تمرير الصفقة بالطريقة التي تشاع عنها، إنما هو نزع للغطاء بل للكرامة الفلسطينية والعربية! ولأن الفلسطينية الثائرة نهضت وقاومت وارتدت حجابها من جديد وصاحت وهتفت لفلسطين، فإن الحديث عن الكرامة العربية لن يظل مجرد تاريخ أو ماضٍ سحيق!

لقد أكدت فلسطينية الخان أن الفلسطيني الآن سواء في الضفة أو في القطاع أو في أي موقع أو مكان لن يبيع ولن يخون! وأنه منذ الأمس يثبت عينيه فوق الشمس، ليرصد كل من خان! لقد ثبتت الفلسطينية الثائرة أقدامها فوق اللهيب لا لشيء سوى أن يبدأ أطفالها العمر الجديد!

ينسجم ذلك، مع تأكيد وسائل إعلام أوربية بأن الطرف الأمريكي الفاعل والضامن والمنفذ الأول للصفقة «خفض من سقف توقعاته لنجاحها، خاصة بعد جولة المبعوثين الأميركيين لعملية السلام، جارد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومبعوثه الخاص جيسون غرينبلات، وتأكيد الأول على أنه لم يسمع من القادة الذين التقاهم سوى التأكيد على الحل «اللائق» بالشعب الفلسطيني!

وفي هذا السياق أيضاً، نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم»، المقربة من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتينياهو، أن كوشنر وغرينبلات، أعلنا في نهاية جولتهما بالمنطقة خلال الأسبوع الماضي أن فرص نجاح «صفقة القرن» باتت متدنية للغاية. أما صحيفة «هآرتس» فأكدت أن جهات عربية طلبت من المبعوثين الأميركيين عدم نشر خطة السلام الأميركية حتى لا تؤثر على استقرار الشرق الأوسط، إذا لم تلبِّ طموحات الشعب الفلسطيني والشعوب العربية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store