Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

ألوان السعادة تكفينا وزيادة

الحبر الأصفر

A A
الحَيَاة فِيهَا ردُود أَفعَالٍ مُختَلِفَة؛ تِجَاه الوَاقِع الذي تُفرزه، فمَثلًا تَجِد إنسَانًا يُردِّد الأُغنية الشَّهيرَة القَائِلَة: «الحَيَاة حلوة بَس نفهمها»، وتَجد فِي ذَاتِ الوَقت مَن يَقول: «والله الحَيَاة مَا عَاد فِيهَا خَير»، والسُّؤَال هُنَا: كَيف وَصَفَ الاثنَان الوَاقِع الوَاحِد؛ بوَصفيْن مُختَلفيْن..؟!

إنَّ الإجَابَة تَبدو عَسيرَة، عِند مَن لَا يُفكِّر، ولَكنَّها يَسيرَة عِند مَن يُفكِّرون، ومِن هَؤلاء الذين يُفكِّرون؛ صَاحِب كِتَاب: «دَليل التَّفَاؤل والسَّعَادَة»، حَيثُ يَقول: (إنَّ الوَاقِع يَبدو للخَائرين كَالِحًا، قَبيح الوَجه، بيَد أَنَّه لَا يَبدو قَبيحًا؛ إلَّا حِينَمَا يَعجز عَن تَحقيق الخيَالَات؛ التي كَوَّنتهَا عقُولهم الحَالِمَة.

والحَقيقَة أَنَّ الوَاقِع لَيس قَاسيًا، ولَيس بَارِدًا جَافيًا، وإنَّما هو شَيء مُحَايد؛ يَتَّصف بالقُبح أَو بالجَمَال؛ عَلَى حَسَب لون المِنْظَار؛ الذي تَنظر مِن خِلَاله إلَى الدُّنيَا.. فمَن لَوَّنت الأَوهَام مِنظَارهم؛ يَرونه وَحشًا مُفتَرسًا، عَلَى ضُوء إحسَاسهم بضَعفهم وخورهم)..!

مِن هُنَا -بَعد هَذا النَّص- أُحَاول دَائِمًا أن أُلوِّن حيَاتي؛ بأَلوَان العَمَل والأَمَل، مُتجَاوزًا الصِّعَاب والمَآسي؛ التي تُحيط بِي مِن جِهةٍ أَو جِهتين، ومِن ثَلاث جِهَات أَحيَانًا، لتَبقَ الجِهَة الرَّابِعَة هي المَنْفَذ للأَمَل والعَمَل، وهي أَيضًا جِهَة التَّوكُّل عَلَى الله، والثِّقَة بلُطفه - جَلَّ وعَزّ-، ولَا أَنسَى العِبَارات الشَّهيرَة التي تَقول: «المِنحَة تَأتي مَع كُلِّ مِحنَة»، و»مِن رَحِم الشَّقَاء تُولد السَّعَادَة»، و»مِن غُرفة السَّعَادَة تَتولَّد المُعَانَاة»، وهَكذا الدُّنيَا؛ مُلوّنة بأَلوَان السَّعَادَة وأَلوَان الشَّقَاء، ومَا عَلَى الإنسَان إلَّا الاستمتَاع بلون السَّعَادَة إذَا أَتَت، والصَّبْر إذَا حَلَّت أَلوَان الشَّقَاء.

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: هُنَاك حِكمَة تُنسب للإمَام «علي»- كَرَّم الله وَجهه- يَقول فِيهَا: (الدَّهر يَومَان: يَومٌ لَك ويَومٌ عَليك، فإذَا كَان لَك فلَا «تبطَر»، وإذَا كَان عَليك فلَا «تضجَر»، فاصْبر فكِلَاهُمَا سيَنحَسِر).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store