Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

خيبات الأمل في عالم السياسة..!

ولو استطاعت أمريكا تفكيك منشآت إسرائيل النووية مثلما حصل لليبيا وجنوب أفريقيا لسدت كل الطرق على طموحات إيران وكوريا الشمالية ولتفرغ العالم لمعضلات أخرى مثل الفقر والبطالة وشؤون البيئة وغيرها من المشاكل التي تعاني منها شعوب العالم.

A A
عندما أًنتخب باراك أوباما رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية كانت السياسة الأمريكية تمر بأسوأ حالاتها من بداية القرن الحالي وكان التصور أن انتخاب أوباما سيغير الصورة وأصول اللعبة لصالح أمريكا، وكانت آمال العالم عالية جدًا لدرجة أنه منح جائزة نوبل في الأشهر الأولى من استلامه الرئاسة، وألقى خطابه الشهير في جامعة القاهرة مخاطبًا العالم الإسلامي بأن أمريكا تحت ولايته بدأت عهدًا جديدًا في العلاقات العربية الإسلامية وأنه يعد باتخاذ خطوات جادة لحل القضية الفلسطينية .. قضية العرب الكبرى. ولم يخفَ على الساسة والمحللين في أنحاء العالم أن أمريكا دولة مؤسسات وأن أي رئيس يعمل في إطار الدستور وما تتوافق عليه المجالس التشريعية التي تحرص على رعاية مصالح أمريكا في المقام الأول.

والمتعمقون في السياسة الأمريكية يدركون أن هناك حكومة ظل خفية يديرها اللوبي الصهيوني مثل إيباك وأنصارهم في الكونغرس ومجلس النواب وكل مفاصل الإدارة الفدرالية والمحلية على مستوى الولايات وأجهزة الإعلام الجبارة ومراكز البحوث والمؤسسات الأكاديمية. وبقدر ما يتمتع به الرئيس من صلاحيات إلا أن عليه مراعاة متطلبات حكومة الظل هذه التي تُدين بولائها لإسرائيل وتعمل على حماية مصالحها.وقد كانت نقطة ضعف أوباما أنه أول رئيس أمريكي من أصول أفريقية ومن البداية بدأت محاصرته والضغوط عليه للالتزام بالتأييد المطلق لإسرائيل وحمايتها في المنظمات الدولية بكل الوسائل كما فعل أسلافه في البيت الأبيض منذ تأسيس الدولة العبرية. الإنجاز الوحيد الذي حققه أوباما في السياسة الدولية كان إبرام الاتفاق النووي بين 5+1وإيران وقد كان الإنجاز كما رآه البعض على حساب العرب والسلم العالمي لأن إيران استخدمته كذريعة لمواصلة تحقيق طموحاتها التوسعية في منطقة الشرق الأوسط مثل توغلها في العراق وسوريا ولبنان واليمن ودعم العناصر الشيعية الموالية لها في دول الخليج العربي.وقد اتضح من خلال جولات التفاوض مع إيران أن أوباما ووزير خارجيته جون كيري كانا مستميتين لتوقيع الاتفاقية النووية قبل خروجهما من السلطة ولم يكن لديهما مانع لرفع الحظر والعقوبات عن إيران في سبيل تعاونها للتوصل إلى توقيع الاتفاقية النووية مع 5+1.

دول الخليج كان لديها تحفظات قوية ولكن لم يكن بالإمكان إيقاف عجلة المفاوضات ولا الحيلولة دون الاتفاق.. واستنتاجًا من كل التجارب الماضية مع الهند والباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية فإن أي دولة تملك الإرادة السياسية وتعمل بجدية على امتلاك السلاح النووي فإن إيقافها بالقوة قد يكون شبه مستحيل ما لم تحصل ظروف قاهرة تقنعها بالعدول عن ذلك مثل الحالة الليبية وحالة جنوب أفريقيا التي قدمت تنازلات وتخلت عن برامجها النووية.

ومعضلة السلاح النووي وتعثر كل المحاولات للتخلص من أسلحة الدمار الشامل في إطار اتفاقية منع الانتشار(NPT) سببها الرئيسي الولايات المتحدة الأمريكية وحمايتها المطلقة لإسرائيل ولو استطاعت أمريكا تفكيك منشآت إسرائيل النووية مثلما حصل لليبيا وجنوب أفريقيا لسدت كل الطرق على طموحات إيران وكوريا الشمالية ولتفرغ العالم لمعضلات أخرى مثل الفقر والبطالة وشؤون البيئة وغيرها من المشاكل التي تعاني منها شعوب العالم.

والحذر هنا من أن تؤدي الرهانات الدولية على سياسة ترمب إلى خيبات أمل أكبر من تلك التي حصلت في عهد الرئيس باراك أوباما.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store