جدة بين أمينين

قبل شهرين اثنين أو يزيد قليلاً انتهت فترة تكليف أمين محافظة جدة السابق معالي الدكتور هاني أبو راس، بعد ثماني سنوات قضاها في العمل بإخلاص ودأب وصمت في آن معاً لخدمة جدة المدينة العروس وسواها من المدن والقرى التابعة للمحافظة، بتنفيذ مشروعات عملاقة أصبحت ملء السمع والبصر، كان آخرها فتح نفق الأندلس، وقبله مباشرة افتتاح الواجهة البحرية، وكلاهما مشروع حيوي عاد على سكان جدة بالنفع العميم.

وكانت الواجهة البحرية نقلة نوعية في التميز البيئي، والهندسي والمعماري للواجهات البحرية على المستوى العالمي، وقد فاز هذا المشروع بجائزة مكة للتميز في فرع التميز البيئي لهذا العام، ولغة الأرقام تبين أسس ومعايير تميز هذا المشروع الحيوي المجهز بخدمات تناسب كل الفئات الاجتماعية والعمرية، وهو ممتد من دوار النورس وصولاً إلى شارع جابر بن الحارث بطول 4500 متر ومساحة 730.000م2 وطاقته الاستيعابية تقدر بمائة وعشرين ألف نسمة، وتتعدد المرافق والخدمات في هذا المشروع ما بين رياضية ومساحات للتنزه وغيرها، منه ممشى بحري يمتد على كامل طول المشروع ومسار للدراجات على كامل المشروع أيضاً. إضافة إلى منطقة خاصة مجهزة بالمعدات الرياضية وكأنها (جيم) في الهواء الطلق، كما تنتشر فيه النوافير والمسطحات الخضراء والمجسَّمات الجمالية.

والحديث عنه يطول. ونفق الأندلس أصبح متنفساً للمتنقلين بين جنوب جدة وشمالها عبر الطريق الأكثر حيوية في جدة وهو طريق الملك عبدالعزيز، وخفَّت الاختناقات أو زالت عند عنق الزجاجة وهي تقاطع شارع فلسطين مع طريق الملك عبدالعزيز بعد افتتاح المرحلة الأولى كما أذكر من هذا المشروع المهم. وعلى المستوى التخطيطي والإستراتيجي تم وضع خطة مستقبلية لمدينة جدة خاصة وللمحافظة عامة، تعتبر مثلاً يحتذى في العمل المؤسسي الذي يستمر ولا ينقطع بتغير المسؤولين وهو ما نؤمله في معالي أمين محافظة جدة الجديد معالي الأستاذ صالح بن علي التركي الذي عرفته منذ زمن كما عرفه سواي من العاملين والمهتمين بالعمل الخيري، من خلال ترؤسه لمجلس إدارة جمعية البر بجدة التي أخلص في خدمتها، ولا تزال يداه في الخير على الدوام لذلك فقد فتح الله له أبواب الخير على مصاريعها في التجارة الرابحة مع الله، وفي تجارة الدنيا التي تراعي مصالح خلق الله وترمي إلى الكسب الحلال وإعمار الأرض، لذلك نجح معاليه في تأسيس ما يقرب من خمسين شركة ناجحة في المجالات الخدمية وقطاع المقاولات خلال عمر مديد ذي باع في العمل التجاري يقترب من أربعة عقود، وكانت فترة رئاسته للغرفة التجارية والصناعية بجدة فترة تحقق فيها الكثير من الإنجاز في الحقلين التجاري والصناعي، إضافة إلى عضوياته الرفيعة التي تشمل: مجلس منطقة مكة المكرمة والدائرة الاقتصادية والاجتماعية لخدمة منطقة مكة وسواها، وهو رئيس مجموعة من الشركات الكبرى: نسما القابضة ونسما المحدودة ونما العالمية ومودة لخدمات الفنادق والعمرة وشركة صدق. وسيرته تحفل بالمناصب القيادية كما تحفل بالإنجازات والنجاحات وقبل ذلك بدعم الأعمال الخيرية عامة.

وحين يتولى أمانة جدة رجل بحجم صالح التركي لا بد من أن يتولى مهامَّ جساماً للنهوض الحضاري بهذه المحافظة وإكمال مسيرة من سبقوه بكل أمانة وإخلاص

. ومن تلك المهام استكمال مشروعات تصريف مياه الأمطار والسيول والمشاركة في التخفيف من الاختناقات المرورية في بعض الطرق والمحاور، علماً بأن العديد من تلك الاختناقات عولجت في العهد السابق وإنهاء أعمال السفلتة واستكمال المشروعات المعلقة في الطرق، وإكمال مشروعات الإنارة في بعض الأحياء، وإيصال الخدمات إلى الأحياء الجديدة واستكمال تسمية الشوارع والميادين، والبدء الفعلي في مشروع مترو جدة.

ولا بد من دعاء بالأجر والمثوبة للأمين السابق ودعاء آخر بالتوفيق والسداد للأمين الحالي وفي كل خير.