Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

قوقل إيرث والمعالج الشعبي

لم يترك قوقل إيرث مجالاً للأخطاء الفادحة والاجتهادات الخاطئة حينما بسط أمامنا الطبيعة كما هي بكل تفاصيلها، ولذا ينبغي استناد تلك الجهات المعنية عليه في رسم خرائطها؛ كونه أكثر دقة ومصداقية مع الاستعانة بالمختصين وأهل الدراية

A A
لو أن أحدًا أُصيب بكسر، ثم ذهب به ذووه إلى معالج شعبي، تاركِين وراءهم المستشفى وإمكاناته البشرية والطبية، فما عسانا أن نقول؟!.. قريبًا من هذا تمارسه بعض (أمانات المدن وهيئة المساحة الجيولوجية والبلديات والمكاتب الهندسية) حينما تعمد في رسمها خرائط المناطق والمدن والمحافظات والمراكز لأساليب شبه تقليدية، مُعرضةً عما توصلت إليه التقنية الحديثة كـ(قوقل إيرث) الذي هو بحسب ويكيبيديا برنامج "يرسم خريطة للأرض عن طريق تركيب الصور التي تم الحصول عليها من صور الأقمار الصناعية والتصوير الجوي ونُظم المعلومات الجغرافية الثلاثية الأبعاد الخاصة بالكرة الأرضية". المدقق في خرائط تلك الجهات يجد فيها الكثير من الأخطاء، ومن ذلك الحدود الفاصلة بين المناطق الإدارية أو المحافظات ومواقع المدن والجبال والمعالم وغيرها. رسم الجهات المذكورة للخرائط بحدودها ومعالمها ومدنها وغيرها يتم أحيانًا اعتمادًا على وقوفها الميداني، ومعلوم أن التضاريس لا يمكن الإحاطة بها وبتفاصيلها بمجرد الوقوف الميداني على أجزاء منها خاصة الأماكن الجبلية التي يصعب الوقوف على كل تفاصيلها، وأحيانًا يكون الرسم اعتمادًا على وصف كبار السن وقليلي الخبرة، وأحيانًا يكون الرسم عبر وصف موظفِي المناطق والمحافظات والمراكز الذين قد لا يكونون من أبناء المكان المراد رسم خارطته ومعالمه، وأحيانًا يكون الرسم من قِبل المختصِين في تلك الجهات مع الاستعانة ببعض الوسائل التقنية، ومع أن المختصين قد يستخدمون التقنيات إلا أنهم في العادة ليسوا من أبناء المحافظات أو المراكز المراد رسمها، وإن استعانوا بأحد فهم يستعينون بموظفي تلك المحافظات أو المراكز الذين ربما لا يكونون من أبنائها، وإن كانوا كذلك فربما لا تكون لهم دراية ولا اهتمام بالجغرافيا، ولذا تأتي النتائج غير سليمة. وأوضح مثال على ذلك هو تلك الخارطة (العجيبة) المسماة (خارطة محافظة العُرْضِيَّات) المُثْبتة في الموقع الإلكتروني (للمخطط الإقليمي لمنطقة مكة المكرمة)، هذه الخارطة فيها أخطاء عديدة؛ فتراها رَسمت الحدود الشمالية للمحافظة على شكل رأس مثلث بساقين طويلتَين، في حين نجد الحدود الشمالية -على الواقع- أشبه بخط مستقيم يمتد أفقيًّا من مركز خثعم في محافظة بلقرن بمنطقة عسير شرقًا مرورًا بجنوب مراكز محافظة بلجرشي بمنطقة الباحة حتى مركز بطاط في محافظة غامد الزناد بمنطقة الباحة غربًا. هذا الرسم الخاطئ -إذا أحسنَّا النية في مصمميه- ترتب عليه خروج أجزاء كبيرة من شمال المحافظة ومنها -كما يظهر على الخارطة المذكورة- بلدات (الرايم والجعيدة والعطاء..)، هذا خلاف البلدات غير المُظْهَرة، وعند السؤال عن مصدرها نجد من ينسبها لأمانة جدة -ولعل الأمين الجديد أ.صالح التركي يصحح أخطاءها- وهناك من ينسبها لهيئة المساحة الجيولوجية. وبالإضافة لأخطاء الخارطة فهناك جملة أخطاء معلوماتية وإحصائية في موقع المخطط الإقليمي الخاص بمحافظة العرضيات. لم يترك قوقل إيرث مجالاً للأخطاء الفادحة والاجتهادات الخاطئة حينما بسط أمامنا الطبيعة كما هي بكل تفاصيلها، ولذا ينبغي استناد تلك الجهات المعنية عليه في رسم خرائطها؛ كونه أكثر دقة ومصداقية مع الاستعانة بالمختصين وأهل الدراية، حتى لا تكون تلك الجهات بهذه الممارسات كمن يلجأ للمعالِج الشعبي في الكشف على الكسور ويترك تقنية أشعة (x ray) فتكون النتائج على غرار الخارطة العجيبة لمحافظة العُرضيات.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store