Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

افتراء الدجال وظلم ذوي القربى!

هذه القضية ليست خلافاً عادياً بين اثنين، وليست قضية للحكم، بل أراد صاحبها توعية المجتمع بخطر الدجالين والمشعوذين، وربما أراد أن يخفف عن نفسه مشاعر الألم وحرقة الفقد وقهر الظلم، التي لا زال يعاني منها رغم السنوات التي مرت فقد فيها ما فقد بالموت والفرقة وتمزق الأسرة.

A A
امتزج الغضب بكلماته وأنَّاته وهو يسرد أحزانه ربما يجد لها مسكناً في إيقاظ الوعي الغافي على كتف الوهم، أو يجد دواءه من دائه الذي اندلق في جسد أسرته الكبيرة فتفرقت وتمزقت؛ أصيبت أخته الصغرى بـ»التصلب اللويحي»، وهو مرض عضوي بحاجة إلى علاج طبي متخصص ومكثف، لكن الجهل الداء الذي لا زال منتشراً كالوباء في عقول كثيرة، دفع الأسرة للاستعانة بدجال جيء به من الطائف إلى المدينة المنورة ليبث سمومه في صدور العائلة ضد الأخ الأكبر غير الشقيق، ويسلم جسد الصغيرة المنهك بالمرض لدجال لاعلم له سوى الكذب والشعوذة.

لا أخفيكم أني شعرت بفداحة خسائره، واختزنت شيئاً من الغضب الذي أرهق محدثي في مواجهة افتراء ظالم، وغضب والده دون ذنب اقترفه، ومعاناة أخته الصغرى قرة عينه، اتهمه الدجال بأنه سحر الأخت، وأن معاناتها بسبب السحر، للأسف صدقت العائلة كلام الدجال واستأمنته لعلاج ابنتهم الشابة، فأنهك المرض جسدها الغض حتى فارقت الحياة، والمتهم هو الأخ غير الشقيق، مات والده غاضباً منه وهو بريء براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، لكنه لم يستطع دفع تهمة الدجال بأنه سبب مرض أخته، ولم يصدقوا حبه لها وحزنه عليها وهي تحبه منذ طفولتها، وتستقبله عند باب المنزل عندما يأتي، يدللها، تسأل عن الشوكولاته التي يجلبها لها حتى بعدما كبرت.

هذه القضية لو أنها خلاف عادي بين أفراد العائلة أدى إلى قطيعة لا أقبل الخوض فيها أو طرحها في هذه الزاوية دون الإنصات إلى جميع أطراف القضية، يقولون: «إذا جاءك الخصم وقد فُقئت عينه فلا تحكم له، فلعل خصمه فُقئت عيناه».

إذن، هذه القضية ليست خلافاً عادياً بين اثنين، وليست قضية للحكم، بل أراد صاحبها توعية المجتمع بخطر الدجالين والمشعوذين، وربما أراد أن يخفف عن نفسه مشاعر الألم وحرقة الفقد وقهر الظلم، التي لا زال يعاني منها رغم السنوات التي مرت فقد فيها ما فقد بالموت والفرقة وتمزق الأسرة.

أراد نشر قصته لتوعية الآخرين، وتنقية العقول من الجهل لتعود إلى رشدها وتبتعد عن مثل هؤلاء الذين ما زالوا منتشرين في الأرجاء، ذلك الدجال الذي تسبب في موت أخته وتفتيت الأسرة، انتقل من الطائف إلى جدة، يمارس دجله ويقتل المرضى بأدوية الوهم، لذلك يتفاقم المرض في الجسد، وعندما يشخّص المرض على أنه سحر، فلابد من أوصاف للساحر كي يتأكد أهل المريض من علمه فربما أعطاهم أوصاف أحد أفراد الأسرة أو أوعز إليهم باسمه أو قرابته، فيصبح هذا القريب مكروهاً ومغضوباً عليه من أهله وأحبته وتُنتهك سيرته كصاحب هذه القصة، الذي ما زال يعاني من ألم غضب أبيه عليه، وألم فقد أخته. كيف يتيقن المرء من الوهم ويغمض عينيه عن الحقيقة؟. كيف يؤمن بفعل السحر، ويتجاهل المرض العضوي ويهمل علاجه ويكتفي باللجوء إلى السحرة والدجالين، ينفق الأموال على من فرَّق أسرته وقتل ابنته، هو هذا سبب ألم وحرقة وحسرة الأخ حتى الآن وقد مضت سبع سنوات على رحيل أخته المتهم بسحرها، أنفقت الأسرة «130» ألف ريال على الدجال في عام واحد، استشرى خلالها المرض في جسد الأخت الصغرى حتى غادرت الحياة، تفاقم غضب العائلة وغضب الأب بشكل خاص حتى مات وهو واثق كل الثقة أن ابنه الكبير سحر ابنته الصغرى وأنه السبب في موتها، لم ينجُ محدثي من الأمراض النفسية وهي حالة يمر بها المتهم البريء، والذي يتم إبعاده عن أهله وأحبته بتهم ظالمة.

المشعوذ أو الدجال لا زال يمارس دجله في جدة، يمكن للجهات الأمنية التحقق من وجوده طالما أن مكانه معلوم وعنوانه معروف حتى رقم هاتفه!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store