Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

فكِّر باهتمام وسيأتيك الإلهام

الحبر الأصفر

A A
مِن التَّجارُب التي عَليهَا شِبه إجمَاع؛ بَين عُلَمَاء التَّنمية البَشريَّة، أَنَّ الإنسَان إذَا فَكَّر بشَيءٍ، واهتمَّ بِهِ، وقَلَّبه فِي رَأسهِ، ستَستَيقِظ كُلُّ القُوَى التي حَولَه لمُسَاعَدته؛ فِي جَمْع المَعلُومَات التي تُفيده فِي أَي أَمرٍ يُفكِّر فِيهِ.. هَذا كَلامٌ مُجمَل، يَحتَاج إلَى تَفسير. فلنبدَأ بالتَّفسير. وسأَحكِي لَكُم قصّة مِن عَشرَات القصَص، التي مَرَّت بِي، وهي مِثَال للقَاعِدَة؛ التي تَكلَّمتُ عَنهَا فِي أَوّل المَقَال:

قَبل أَشهُر، فَكَّرتُ فِي الذِّهَاب إلَى جُورجيَا، ورَكَّزتُ التَّفكير عَلَى تِلك البُقعَة، وكُنتُ حِينهَا فِي مَطَار الرِّيَاض، مُتجِّهاً إلَى جُدَّة، وللأَمَانَة، كَان تَفكيري مَشغولاً بجَمْع المَعلُومَات عَن دَولة جُورجيَا، التي كَانَت فِي السَّابِق، إحدَى دوَل الاتَّحَاد السُّوفييتي..!

رَكَبتُ الطَّائِرَة، وتَنَاوَلتُ إحدَى الصُّحَف، فإذَا بِهَا تَنشُر فِي إحدَى صَفحَاتهَا، تَقريراً عَن السِّيَاحَة فِي جُورجيَا، وعِندَما انتَهيتُ مِن قِرَاءة الجَريدَة، سَلَّم عَليَّ الرَّاكِب الذي كَان يَجلس بجوَاري، وبَعد أَنْ «كَفْحَلَنِي»، سَأَلتهُ عَن مَعلُومَاته حَول جُورجيَا، فقَال: إنَّ أَخي يَعمَل هُنَاك، وسأُعطيكَ رَقم هَاتِفه ليَشرح لَك، ويُعطيك كُلّ مَا تَحتَاجه مِن مَعلُومَات، عَن تِلك الدَّولَة. وفِعلاً تَم التَّواصُل مَع أَخيه فِيمَا بَعْد..!

وحِين وَصلتُ إلَى جُدَّة، استَقبلني صَديقي «أبوغالب»، فسَأَلته عَن جُورجيَا، فقَال: إنَّ أَحَد أَبنَاء حَارتنَا، وهو «أبوزين»، يَعمل فِي جُورجيَا، ومِن المُمكِن أَنْ يُعطيك أَي مَعلُومَة تَحتَاجهَا.

لَن أُكمِل لَكُم القصّة، لأَنَّني سأَشعُر أَنَّ البَعض لَن يُصدِّق مَحَاسِن القَدَر، وكَيفَ أَنَّ الإنسَان؛ إذَا أَقبَل عَلَى الأَشيَاء بحَمَاسٍ وحِرص، يَبعَث الله لَه مَن يُسَاعده ويُرشده، ويَمدّه بكُلِّ مَا يَحتَاج مِن مَعلُومَاتٍ وأَفكَارٍ وأَسرَار..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: إنَّني اتّخذت الحِرصَ والحَمَاس، والتَّركيز فِي الأَفكَار، عَادَة لِي، وكُلَّمَا نَويتُ عَمل شَيء، أَو الكِتَابَة عَن شَيء، رَكَّزتُ عَليه بكُلِّ حَمَاسٍ ومَحبَّة، وفَعَّلتُ قَانُونيْ الاستدعَاء والجَذْب، ومَا هِي إلَّا فَترَاتٍ بَسيطَة، حَتَّى أَحصُل عَلَى أَغلَب مَا أُريد، ومَن أَرَاد الشَّاهِد القُرآني، فعَليه مُراجعَة قصّة «ابنيْ آدَم»، الذي قَتَل أَحدُهمَا الآخَر، فاحتَار مَاذَا يَفعل بجُثّته؟، وحِينَ فَكَّر بتَركيز، بَعَثَ الله لَه غُرابًا، ليُعلِّمه مَاذَا يَفعَل بالجُثمَان، ليُوارِي سَوأَة أَخيه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store