Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

إلى الأمين الجديد: ماذا عن أكوام الحديد؟!

الحبر الأصفر

A A
أَكثَر مِن مَرَّة، كَتَبْتُ عَن السيَّارَات التَّالِفَة، التي تَربُض فِي المُدنِ الكَبيرَة، مِثل جُدَّة والرِّيَاض. وهُنَا دَعوني أَتحدَّث عَن جُدَّة، التي أَعتبرهَا مَعِدَة كَبيرَة، مَحشوّة بالسيَّارَات الخَرِبَة، التي تُشكِّل رُبع عَدد السيَّارَات؛ المَوجُودَة عَلَى سَطْح أَرْض هَذه المَدينَة الكَبيرَة..!

لقَد كَتَبْتُ أَكثَر مِن مَرَّة عَن هَذه السيَّارَات، واليَوم أَكتُب ويَحثّني دَافِعٌ جَديد، وهو تَعيين أَمين جَديد لمَدينة جُدَّة، أَعنِي بذَلك مَعالي الصَّديق «أبوفيصل - الأستاذ صالح التركي»، لَعلَّه إذَا قَرَأَ المَقَال، يَستَجيب ويَتفَاعَل مَعه، حَيثُ إنَّني أَعلَم أَنَّه سَريع الاستجَابَة، وسَريع التَّفَاعُل..!

وحَتَّى يَتَّضحُ المَقَال، دَعونَا نَضرب الأَمثَال:

إذَا قَفزتَ إلَى سيَّارتك، واستَمتعتَ بتَدليك المَطبَّات المُعتَاد، يَكفي أَنْ تَلتَفتَ يَميناً وشمَالاً؛ لتَعرف أنَّ الحُزن طَال كُلّ شَيء؛ حتَّى السيّارات، حَيثُ أكَاد أُجزم أنَّها تَعيش حَالة حِدَاد، بسَبَب انتشَار جُثَث أخوَاتها في الأحيَاء، وكَأنَّ السّيول جَاءت مِن جَديد، فجَرفَت تَشليح جُدَّة، ليَزحف مِن الشَّرق إلَى الغَرب..!

إنَّ مَأسَاة السيّارات التَّالفة في جُدَّة؛ لا تَقلّ ألماً عَن مَآسي جُدَّة الأُخرى، إذ لا تُخطئ العَين عَشرات؛ أو مِئات السيّارات التَّالفة في كُلِّ حَي، لدَرجة أنَّ المَواقف أصبَحت شَحيحَة ونَادِرَة..!

ففِي المُدنِ الصَّغيرَة الأُخرَى، لَا تَلبثُ السيَّارَة التَّالِفَة؛ أَنْ تَربض أيَّاماً مَعدودَة فِي مَكانٍ وَاحِد، حَتَّى يَأتي مُراقب البَلديّة، ويُزيد مِن تَشويهها ببخّاخٍ أَحمَر، يَكتب بِهِ جُملة: (تُسحَب خِلال أربَعة أيَّام أو أسبوع)، وإنْ لَم يَفعل صَاحبُها ذَلك مِن تِلقَاء نَفسه، يَتم سَحبها بوَاسطة البَلديّة..!

لَيس مَقصُوداً أَبداً مِن هَذه المَقَالَة، التَّحريض عَلَى حَجز سيّارات لأُناسٍ مَساكين، بَل المَقصود، الحَثُّ عَلى سُرعة حَسم أَمر تِلك السيَّارَات التَّالِفَة، قَبل أَنْ تَتحوّل جُـدَّة؛ إلَى مُستَودع كَبير للسّكراب.. وستَلحق بِهَا سيَّارَات كَثيرة آيلَة للهَربَدة، حَيثُ أَفصَحَتْ لِي سيَّارتي الصَّابِرَة عَن سِرٍّ؛ تَتهَامس بِهِ السيّارات الأُخرَى، وهو أَنَّ جُدَّة لَا تَصبر عَليها؛ إلَّا سيَّارة اللِّيموزين، التي أُصيبت بالجنُون، لأنَّ سَائقها تَرتفع أُجرته، كُلّما سَاءت الطُّرق، ولا يَتحمّل مِن أُجرة إصلَاح السيَّارة التي يَقودهَا؛ شَيئاً، لِذَا فهو يُقَامِرُ بَين الحُفَر، ويُسرع فِي مَناطق غَير مُعدَّة أصلاً للسيّارات..!

أَكثَر مِن ذَلك، فإنَّ سيّارات الأُجرة لا تَتقاعد مُبكِّراً مِثل غَيرها، فبَعد استنفَاد كُلّ مُحاولات أصحَابها لإطَالة عُمرها، والتَّحايل عَلى شرُوط المرور ووزَارة النَّقل، تَتخلّص شَركات الأُجرَة مِن السيّارات القَديمة بثمنٍ بَخس، بَعد أن تُؤدِّي المُهمَّة المَطلوبة مِنهَا؛ عَلى أكمَل وَجه، ثُمَّ لا تَلبث بَعد ذَلك، أن تَلتحق بالسيّارات المُكدَّسة، التي تَنام فِيها القِطَط والفِئرَان..!

حَسناً.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: لَيتَ أهل الخَير يُفعِّلون حَديث: «إمَاطة الأذَى عَن الطَّريق»، ليُقبِل النَّاس عَلى المُساعَدَة، فِي إصلَاح مَا يُمكن إصلَاحه مِنها، والتَّخلُّص ممَّا لا أَمَلَ فيهِ.. أَو تَحمُّل كُلفة نَقلهَا مِن الأحيَاء، وجَمعهَا فِي مَكانٍ مُحدَّد، بالتَّنسيق مَع أصحَابها، إنْ أمكَن..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store