Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

القراءة والكتابة.. لكل صاحب حاجة!

الحبر الأصفر

A A
عِندَمَا يَقتَرب الإنسَان مِن المَوت؛ يَحزن عَلَى أَشيَاءٍ كَثيرة، مِثل فرَاق المَال، والأَهل والأَقَارب والأَصدقَاء، ولَكن الفَيلسوف الكَبير «شوبنهاور» يَقول: (لَا يَعزُّ عَليَّ سوَى تَرك مَكتَبتي الخَاصَّة، فلَولا الكُتب فِي هَذه الدُّنيَا، لوَقعتُ مُنذ زَمنٍ طَويل فَريسَة لليَأس)..!

وتَقول الرِّوَائيَّة «ترولوب»: (عَادَة المُطَالعَة هِي المُتعَة الوَحيدَة التي لَا زَيف فِيهَا.. إنَّها تَدوم عِندَما تَتَلَاشَى كُلّ المُتَع الأُخرَى)، لِذَلك أَقول: إنَّ المُتَع فِي الدُّنيَا تَبدَأ وتَنتَهي بسُرعَة، ولَكن هُنَاك مُتعَة لَا تَنتَهي، لأنَّها -بطَبيعتهَا- مُتجدِّدة، وغَير قَابِلَة للانتهَاء، أَلَا وهي مُتعة القِرَاءَة..!

وكَمَا تَعوَّدنا عَلَى الوَعَاء الذي يَحوي الطَّعَام، والوَعَاء المُخصَّص للمَاء، فلابدَّ أَنْ نَتعوَّد عَلَى الوَعَاء؛ الذي يُجمَع بدَاخله النّور، أَلَا وهو الكِتَاب.. وفِي ذَلك يَقول الشَّاعِر والنَّاقِد الأَمريكي «عزرا باوند»: (إنَّ الكِتَاب مَا هو إلَّا وَعَاء مِن نُور، يَقبَع بَين يَدي مَن يَقرأ)..!

والقِرَاءَة وَحدهَا لَا تَجعل مِنك رَجُلاً مُنتجاً للأَفكَار، بَل يَجب أَنْ تَصطَحب -حِين تَذهب إلَى أَريكتك أَو سريرك- فَضيلة التَّفكير، وفِي ذَلك يَقول المُفكِّر السِّياسِي الكَبير «جون لوك»: (القِرَاءَة تُزوِّد عقُولنَا بمَوادِ المَعرفَة فَقَط، والتَّفكير هو الذي يَجعلنَا نَملك مَا نَقرَأ)..!

أَكثَر مِن ذَلك، هُنَاك مَن يَرَى القِرَاءَة سُنَّة، وهُنَاك مَن يَرَاهَا أَمراً جَيّداًُ، وهُنَاك مَن يَجعلها مِن الوَاجِبَات، ومِنهم الشَّاعِر «عزرا باوند» حَيثُ يَقول: (يَجب أَنْ نَقرَأ لنُزيد مِن قوّتنا، فالإنسَان الذي يَقرَأ، هو إنسَانٌ مُفعَم بالحَيَاة)..!

وكَمَا نَعرف، فإنَّ أَغلَب القُرَّاء لَا يَتفَاعلون إلَّا مَع الكُتب الخَالِدَة، التي كُتِبَت بعَرَق ودَم الرِّجَال المُخلصين بعِلمهم، لِذَلك اكتَسَبَت الخلُود، وفِي ذَلك يَقول «توماس كارليل»: (مُعظمُ الكُتب الخَالِدَة، نُقِشَت بدِمَاءِ كُتَّابهَا)..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: مَهمَا تَعدَّدت وَسَائِل المَعرفَة؛ وطُرق اكتسَابهَا، إلَّا أَنَّ القِرَاءَة مَازَالت هي التي تَتصدَّر دَوري المَعَارف، بَل تَتربَّع فِي نَاصية هَاشتَاق #مُتصدِّر_لَا_تكلِّمني.. وفِي ذَلك يَقول الأَديب «طه حسين»: (لَا نَعرف شَيئاً يُحقِّق للإنسَان تَفكيره وتَعبيره ومَدنيّته؛ كالقِرَاءَة، فهي تُصوِّر التَّفكير عَلَى أَنَّه أَصل لكُلِّ مَا يقرَأ)..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store