Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسين محمد علي العلوي

قطار الحرمين وذكريات طيبة الثانوية

ولعل ما ضاعف الابتهاج بمناسبة تدشين قطار الحرمين هو تزامنه هذا العام باليوم الوطني الثامن والثمانين للمملكة حيث لم يفصل بين الحدثين العظيمين سوى 48 ساعة، وهكذا تتوالى الإنجازات وتتابع المناسبات المليئة بالبهجة والفخر والاعتزاز بإنجازات الوطن.

A A
مع بداية العام الدراسي 1375هـ انتقلت مدرسة طيبة الثانوية من باب المجيدي إلى باب العنبرية، فأصبح موقعها بالقرب من محطة القطار، نقطة نهاية ما كان يعرف بسكة حديد الحجاز التي أنشئت في أيام السلطان عبدالحميد من العهد التركي إذ كانت تسمى آنذاك «بالأستسيون».

كنا قد أنهينا مرحلة الكفاءة (المتوسطة) وبدأنا دراسة المرحلة الثانوية التي كانت تمتد لست سنوات بعد الابتدائية، إلى أن رأت مديرية المعارف آنذاك فصل مرحلة الكفاءة عن الثانوية بثلاث سنوات لكل منهما.

كم كانت فرحتنا بالانتقال إلى الموقع الجديد لجماله، ودقة تصميمه، ورحابة مساحته بحيث أصبح بإمكاننا ممارسة العديد من المناشط الرياضية وأصبحت إدارة المدرسة التي كان يقودها بكل حزم واقتدار أستاذنا الجليل رحمه الله أحمد بشناق تهتم بالنشاط اللامنهجي منذ ذلك التاريخ.

كنا نمر كل يوم عند دخولنا إلى المدرسة من أمام محطة القطار هذه بعد أن انتشرت حولها المقاهي لنرى «تلك القاطرة» التي تصلّبت دواليبها وغطيت بطبقات من الصدأ والغبار لتملأ صدورنا الصغيرة بالحسرة والأمل، ونتساءل ترى هل سنعيش لنرى عودة الحياة إلى تلك القاطرة المسكينة المعطلة من عشرات السنين داخل سور المحطة؟ كنا نسمع كبارنا وهم يتحدثون عن سكة حديد الحجاز هذه والتي كانت تربط المدينة بالحدود الجنوبية من الاناضول (تركيا) مروراً بشرق الأردن والشام (سوريا) في العهد العثماني، وكيف تم إنشاء هذا الخط بتبرعات العديد من الدول الإسلامية، وماهي المصاعب التي واجهت الإنشاء، وهل هناك تفكير في إعادة بناء هذا الخط؟

مرت هذه الذكريات بخاطري وأنا أشاهد يوم الثلاثاء الخامس عشر من محرم 1440هـ حفل تدشين قطار الحرمين من جدة الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله- كما قام -حفظه الله- باستقلال القطار إلى محطة المدينة المنورة، فها هو الحلم وقد تحقق، وها هي الآمال وقد أصبحت حقيقة، فتهنئة من القلب للوطن ولكل مواطن وزائر على هذا الإنجاز العظيم. هذا اليوم ليس يوماً عادياً بل يوم خالد في تاريخ الدولة السعودية التي شرفها الله بخدمة الحرمين الشريفين كما شرفنا نحن ابناء الوطن بخدمة الحجاج والمعتمرين، ولا تكمن أهمية إنجاز هذا المشروع في ضخامة ما أنفق عليه فحسب (60 مليار ريال) ولا في طاقته الاستيعابية فحسب (60 مليون مسافر سنوياً) ولا في سرعته الفائقة فحسب (300 كم في الساعة) ولا في امتداد خطه (450 كم) بل في ربطه الحديدي لأول مرة بين أقدس مدينتين على وجه الأرض هما مكة المكرمة والمدينة المنورة. إنه حقاً يوم خالد، وصفحة جديدة من الإنجاز في ظل قيادة رشيدة انفقت بسخاء من خزينة الدولة والحمد الله دون اللجوء إلى الاقتراض أو التبرعات كما حدث في عهد سابق. فجدير بأبناء طيبة الطيبة، وأنا أحدهم، كما هو جدير بكل سعودي أو مقيم أو زائر أن يفتخر بما أنجز وأن يعمل على الحفاظ وصيانة ما تم إنجازه.

ولعل ما ضاعف الابتهاج بمناسبة تدشين قطار الحرمين هو تزامنه هذا العام باليوم الوطني الثامن والثمانين للمملكة حيث لم يفصل بين الحدثين العظيمين سوى 48 ساعة، وهكذا تتوالى الإنجازات وتتتابع المناسبات المليئة بالبهجة والفخر والاعتزاز بإنجازات الوطن.

لقد أصبحت صناعة النقل في كثير من الدول تلعب دوراً محورياً في تنفيذ برامج التنمية المستدامة والتطوير المتواصل لما تساهم به في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، ولما كانت برامج التنمية في المملكة لا تستهدف المدن الرئيسية فحسب بل تشمل كافة أبعادها الجغرافية فإني أقترح بأن نبدأ في إعداد الدراسات لربط قطار الحرمين إما من مكة المكرمة أو المدينة المنورة، أيهما أجدى اقتصاديًا، بخط السكة الحديد من الرياض إلى الدمام، ثم بخط آخر من الرياض يتجه جنوباً إلى جازان ونجران، فبهذا يتم ربط مناطق المملكة شرقها بغربها وشمالها بجنوبها، كما أقترح إنشاء خط آخر على امتداد ساحل البحر الأحمر من المدينة المنورة إلى تبوك وحقل شمالاً لخدمة المدن الساحلية وكذلك المشاريع السياحية الضخمة المزمع إنشاؤها كمشاريع البحر الأحمر «أمالا» و»نيوم» وغيرها تنفيذاً لرؤية 2030 الاستراتيجية.

عضو مجلس الشورى سابقاً

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store