Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد الثبيتي

المحاكمة.. المُنجية

A A
الثقة مُطلقة في القضاء السعودي للقول الفصل في قضية فرديّة تحوّلت بقدرة قادر إلى قضية رأي عام وتعاظم تعاطيها لاعتبارات إنسانية حتى دُوِّلت وأصبحت حديث ساسة العالم ومنظماته الحقوقية، حيث تباكوا على مقتل الصحفي جمال خاشقجي الوحشي التي لا يُقرِّها دين ولا يقبلها عقل، وتناسوا -في تعاطي مُخِل- الآلاف الآخرين الذين تطالهم مافيا الحروب والتسلّط وينخر فيهم الجوع ويُشتتهم المرض في أنحاء كثيرة من العالم. ولكي نخرج من هذا المأزق الذي أوقعنا فيه مَنْ كُلفوا بمهمة التفاوض مع الخاشقجي للعودة لبلاده فلابد من إنجاز التحقيقات بسرعة، فعامل الزمن يجب أن يكون في أولويات الجهات العدلية لإغلاق هذا الملف الذي أرَّق كل مخلص لوطنه وأفرح كل عدو له.
نعم البحث والتحرِّي عن تفاصيل المعلومات لكي تتضح حيثيات القضية أمر مهم، ولكن منحها الأهمية القصوى في الدعم اللوجستي يعني أنك تُخرج بلداً كاملاً من تُهمة أُلصقت فيه بفعل مجموعة أساءت استغلال سُلطتها وخوّلت لنفسها الضرب من حديد بفوقية عمياء وأنا مُتضخمة لشخص أعزل في مكان له حُرمته التي نصّت عليها المعاهدات والمواثيق الدولية، ولكن يبدو أن كل هذه المُعطيات لم تكن في أجندة هذه المجموعة؛ الأمر الذي أعمى بصرهم وبصيرتهم عن أي بدائل أخرى يمكن اللجوء إليها لإقناع المُستهدَف بالغاية التي ذهبوا من أجلها ودفعت بـ18 رجلاً من عِلية القوم في تخصصاتهم للشخوص لمكان تواجده وإقدامهم على فعلتهم الشنيعة التي لم تعهدها دهاليز السياسة السعودية من قبل، مما يعني أن القضاء السعودي أمام منعطف تأريخي لكيفية التعامل مع قضية جنائية من الدرجة الأولى أُلْبِست مِعطفاً سياسياً جعل نتائجها مطلوبة ليس فقط لأهل الدم بل للمتباكين على صاحب الدم.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store