Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

حتى ضوء القمر يصبح صناعياً

A A
استخدمت هوليوود، ولازالت، خبرتها وأدواتها الفنية لإنتاج سلسلة من أفلام الخيال العلمي التي ألهبت خيال الكثيرين خلال السنين الماضية. إلا أنه يبدو وكأن الواقع سوف يفوق كل توقعات الخيال العلمي الهوليوودي نتيجة التطور العلمي المذهل في مجال البرمجيات وفضاء (السايبر) الذي يتيح كل ما يمكن للإنسان التفكير فيه أو تخيله. وكشف الصينيون مؤخراً أن العام القادم سيشهد تجربة مذهلة باستخدام قمر صناعي يضيء ليل مدينة صينية يسكنها حوالي اثنى عشر مليوناً من البشر بإضاءة (قمرية) تفوق إضاءة القمر عدة مرات، بحيث يمكن لهذه المدينة الاستغناء، في شوارعها، عن مصابيح الإنارة واستخدام الكهرباء. ومتى نجحت هذه التجربة، التي ستتم دراسة محاذيرها البيئية وغير البيئية، فإنه سيتم إطلاق أقمار صناعية فوق مدن أخرى بهدف توفير إضاءة أفضل واستخدام للطاقة الكهربائية أقل. مما سيحرم الكثير من الحالمين والشعراء مـن التغني بضوء القمر (الجميل فعلاً) في أغانيهم العاطفية وقصائدهم التي تتغنى بالجمال الناتج عن أشعة القمر التي تخترق ظلام الليل.

يدور حول الأرض في الوقت الحالي، حوالي أربعة آلاف وخمسمائة قمر صناعي أطلقتها عدة دول لأهداف متعددة ومنها خدمة الاتصالات والملاحة ومراقبة المناخ بالإضافة الى التجسس ومتابعة ما يدور على سطح الكرة الأرضية، وأحياناً تحت السطح أيضاً. وفي عام 2003 كانت الصين ثالث دولة في العالم تضع شخصاً في مدار حول العالم بقمر صناعي قامت هي بإنتاجه، وتقول الهند الآن أن قمرها الصناعي المعد لحمل بشر إلى الفضاء الخارجي وإعادتهم يكاد أن يكتمل وأنها تستهدف إرسال رائد فضاء هندي (أو رواد) داخله عام 2022. وقد أتاحت تكنولوجيا إرسال رواد فضاء بمركبات أميركية وروسية وأروبية لعدد من الرواد السفر إلى الفضاء، وكان للمملكة نصيبها بالرائد السعودي الشهير الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز.

وتتحول (صناعة الفضاء) من أيدي الحكومات إلى أيدي شركات تجارية، تتولى إنتاج الأقمار الصناعية ومركبات الفضاء وإطلاقها وتأجيرها لمن يرغب. وتبشر هذه الشركات بأنها تنوي أن تقيم مستوطنات على كواكب أخرى بالإضافة الى محطات إقامة في الفضاء تتيح للزائر الاستمتاع بالعيش في الفضاء ومحاكاة جو الأرض في هذه المحطات.

والخشية أن تتحول هذه الشركات الفضائية الى شركات عملاقة تهيمن على مقدرات البشر بشكل يفوق قدرات الحكومات وأجهزتها وأنظمتها على التحكم فيها. وأن يكون تكراراً لما يعانيه العالم اليوم من عجز واضح عن التحكم في الفضاء السيبراني حيث يتم الاحتفاظ بالمعلومات عن كل شيء في أجهزة الحاسوب التي تتعرض لقرصنة من أشخاص يجيدون السيطرة على الأجهزة واستخدامها لمصالحهم. ومثل هذه الأجهزة متواجدة في المستشفيات والبنوك والدوائر الحكومية، ويشمل ذلك الأمن والدفاع أكان عسكرياً أو تجارياً. إذ إنه يمكن عبر السيطرة على جهاز ما قطع الكهرباء أو المياه عن أي مدينة.

استخدام السايبر أدخل العالم في مرحلة من التطور العلمي بحيث أصبح بإمكان القراصنة الدخول الى أي جهاز في أي مكان في العالم من على بعد آلاف الكيلومترات كما أن هذه التكنولوجيا جعلت بالإمكان إدارة الحروب من بعيد باستهداف منطقة محددة بل وأحياناً أشخاصاً بذاتهم (الحرب على الإرهابيين باستخدام الدرونز والصواريخ كمثال) مما يتطلب دراسة طرق للحد من مخاطر التكنولوجيا الجديدة القديمة. وقامت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية بإصدار عدد خاص، مؤخراً، أسمته (مستقبل الحرب) تعالج فيه هذا الموضوع بأقلام عدد من المتخصصين في مجالات تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة هذه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store