Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

أهناك جدوى من التقديم الإلكتروني للوظائف؟!

A A
على الرغم من كَوْنِ التقديم الإلكتروني لوظائف الجهات الحكومية أو القطاع الخاص، قد سهّل وسرّع التقديم، وخفّف الازدحام الناتج عنه، فلم نعد نرى تجمّعات بشرية كبيرة لطالبي الوظائف في الشوارع أمام مقرّات الجهات، رافعين ملفّات العلّاقي الخضراء إن كانوا رجالاً، أو لابسات العبايات السوداء إن كانوا نساءً، إلّا أنّ البطالة ما زالت تُراوح مكانها، فلا وظائف كافية للخرّيجين، والبطالة تجثم على صدورهم كما يجثم شيطان الكابوس على صدور النائمين، أعاذنا الله جميعاً من الشيطان الرجيم!.

وهنا أطرح السؤال المذكور في العنوان، إذ أشعر وأتمنّى أن أكون مُخطئاً في شعوري، أنّ التقديم الإلكتروني للوظائف أصبح وسيلة لإظهار البطالة بحجمٍ أقلّ من الواقع، أكثر منه وسيلة للتوظيف الحقيقي. وأنّه وسيلة لرفع الحرج عن الجهات المعنية التي لا تُساهِم في توظيف العاطلين بالقدر المطلوب، وهذا أمر سلبي، لأنّه يُشْعِر المسؤولين المعنيين بمكافحة البطالة أنّ البطالة ليست ضخمة وليست مشكلة ينبغي حلّها بأسرع وقت، وما أدراكم، قد ينعكس ذلك على الجهود العامّة لمكافحتها، فيتقاعس مَن يتقاعس، ويسترخي مَن يسترخي، وتظلّ البطالة سيّدة الموقف، وبطلة حلبة النزاع تصرع مَن يبحث عن الوظيفة والعمل الشريف!.

وأنا هنا لا أطالب بإلغاء التقديم الإلكتروني للوظائف، بل تحسين جدواه ومخرجاته، ومراقبته لو لزم الأمر، فلا أحد يعلم ما الذي يجري داخل حاسبات الجهات، وهل حقاً يُدرَس كلُّ طلب وظيفة؟، وهل يُعامل الطلب بالجدّية المطلوبة؟، وهل هناك سلّة محذوفات للطلبات؟، وهل هناك ما يمنع المجاملات في التوظيف، فيكون التقديم الإلكتروني غطاء للمجاملات لا أكثر ولا أقل، فيُقدِّم الآلافُ على بضع وظائف، وتروح الوظائف لفُلان وعِلّان؟!.

معذرةً، فأنا لا أُشكِّك في فردٍ ولا في جهة، ولكن أن يُترك الموضوع على عواهنه، فهذا من غير المناسب لحلّ مشكلة كبيرة ومتجذّرة مثل البطالة، ولا مناص من مواجهة الجهات بأنّ العلاقة بين التقديم الإلكتروني لوظائفها وبين قبول طلباتها هي علاقة أقرب للعكسية منها للطردية، وأنّ أغلب ما يحصل عند التقديم الإلكتروني هو أن يشتري منسوبو الجهات المعنية راحتهم، بأن يستعينوا بالحاسبات التي لا تتعب من استقبال الطلبات، والذي يتعب هو الوطن وطالبو الوظائف!.

«دخيلكم»: اجعلوا التقديم الإلكتروني للوظائف مُثمِرًا للوطن وعاطليه وعاطلاته!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store