Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمود إبراهيم الدوعان

العمل التطوعي في خدمة الحرمين الشريفين

إن علينا جميعا أن نُشجِّع العمل التطوعي وندعو إليه، فهو منقبة عظيمة، خاصة فيما يتعلق بتعظيم شعائر الله (ذلك ومَن يُعظِّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، فكل مَن عمل عملاً صالحاً من: نظافة وسقاية، وتدريس، ومعالجة للمرضى، ومساندة للضعفاء، ومساعدة للمسنين، وتذليل كل أمر عسير لقاصدي الحرمين فالأجور مضاعفة، والجزاء عند الله عظيم

A A
قرأت مؤخراً في الصحف عن قيام نخبة من الشباب السعوديين بأعمال جليلة في خدمة المسجد الحرام من تنظيف، وتطهير، وجمع للمخلفات التي تُترك من بعض الزوار لبيت الله العتيق، وهذه والله من أعظم القربات التي يتميز بها أبناء هذا الشعب الكريم، المتفانون حباً وشوقاً لخدمة بيت الله العتيق، ومسجد نبيه المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، فهم يقومون بجهودٍ مباركة بدون أي مقابل مادي، أو بحث عن عمل، أو وظيفة، ولكنها أعمال مباركة تُقرِّبهم من الله طلباً للأجر والمثوبة منه عزّ وجلّ، حيث يقول سبحانه في كتابه العزيز: «وطهِّر بيتي للطائفين والقائمين والركَّع السجود»، فخدمة البيت العتيق، وقاصديه، ميزة متأصلة في قلوب أبناء هذا الشعب، وتجري في دمائهم، ويتهافتون عليها، وقد نالوا هذا الشرف العظيم بالوراثة عن آبائهم وأجدادهم الذين قدموا العمل الصالح على مصالحهم الدنيوية، غير آبهين بالمناصب التي تسنّموها، أو الأموال الطائلة التي اكتسبوها بالعمل الجاد وخدمة الحجيج، ولكنه العشق الإلهي الذي غمر قلوبهم، وأمدهم بالصبر والقوة والتفاني في خدمة مسجد الله الحرام ومسجد نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.

قبل نصف قرن من الزمان، وقبل أن تصل إلينا جحافل الوافدين لخدمة الحرمين الشريفين كان كبار موظفي الدولة من مديري عموم، ووجهاء، وصغار وكبار الأحياء المحيطة بالحرمين المكي والنبوي يتسابقون لخدمتهما مع المكلفين بخدمة الحرمين، حيث كان العديد من المصلين، وبعد صلاة العشاء مباشرةً وبعد أداء النوافل يحمل كل منهم أدوات التنظيف، والكل يعمل فيما وُجّه له من: كنس للسجاد، وغسل للبلاط، وتنظيف للأعمدة، وتنظيم للمصاحف وترتيبها، وتوزيع دوارق المياه، ولا يخرجون من الحرم حتى يكون المسجد في أبهى وأجمل صورة، ونفس الأمر ينطبق على المسجد النبوي الشريف الذي كان يحظى بجهود أبناء طيبة الطيبة، وتفانيهم في خدمة الحرم النبوي، مع الحرص التام على ترك أماكن العبادة نظيفة، والعمل على إظهارها في أجمل صورة.

العمالة الوافدة لخدمة الحرمين أكرمهم الله تعالى بخدمة المسجدين الشريفين، حيث يشعرون بالغبطة والسرور وهم يؤدون أعمالهم على أكمل وجه، لأنهم يشعرون بعظمة المكان ومَن يقومون بخدمته، ويطلبون الأجر والمثوبة من الله، ولذلك تجدهم في حركة دائبة وجهد متواصل لا يهدأ على مدار العام، فلهم الشكر والتقدير على ما يقومون به، ولكن هذا لا يمنع أن يمارس أفراد مجتمعنا بمساندة هؤلاء خدمة الحرمين الشريفين، وذلك برفع الوعي لدى قاصديهما، في عدم رمي المخلفات أو تلويثهما، وأن تُترك أماكن العبادة نظيفة لمرتادي هذه الأماكن المقدسة.

إن علينا جميعاً أن نُشجِّع العمل التطوعي وندعو إليه، فهو منقبة عظيمة، خاصة فيما يتعلق بتعظيم شعائر الله (ذلك ومَن يُعظِّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، فكل مَن عمل عملاً صالحاً من: نظافة وسقاية، وتدريس، ومعالجة للمرضى، ومساندة للضعفاء، ومساعدة للمسنين، وتذليل كل أمر عسير لقاصدي الحرمين فالأجور مضاعفة، والجزاء عند الله عظيم، فتحية إكبار وإجلال لكل مَن عمل ويعمل في الحرمين الشريفين تطوعاً وحباً لله ورسوله، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وبارك في جهودهم وعطائهم الجميل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store