Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم محمد باداود

ماذا بعد التقاعد؟!

A A
هناك نقاش يحتدم أحياناً عندما يُطرح موضوع (التقاعد)، سواء كان (اختيارياً أو إجبارياً)، وذلك بشأن عدد سنوات العمل والتي يمكن بعدها استحقاق التقاعد، فمنهم مَن يقترح خفض عدد تلك السنوات، ومنهم مَن يُطالب بتمديدها، ولكل فريق أسبابه ومبرراته، ولكن في اعتقادي بأن ما هو أهم من زيادة أو نقص عدد السنين، هو التأكُّد من وجود خطة عملية واضحة من قِبَل المتقاعد بشأن كيفية استفادته من قدراته وخبراته، والوقت المتاح له بعد التقاعد.

البعض في لحظة غضب أو انفعال قد يتخذ مثل هذا القرار (التقاعد المبكر) ثم يندم، ويتمنى أنه لم يتقاعد، خصوصاً وإن لم يكن له خطة أو مسار واضح أو برنامج سيقوم به بعد ذلك القرار، فهناك العديد من الجوانب التي يجب مراعاتها عند التقاعد، وفي مقدمتها الجانب المادي، فبعض الأحيان تجد بأن العائد لذلك المتقاعد بعد التقاعد لا يكفي لمصروفاته الأساسية، وإن اتجه إلى فتح نشاط تجاري، فليس لديه الخبرة الكافية لينجح، وإن بقي بلا عمل، فالوقت طويل، كما أن لديه طاقات وقدرات وخبرات مختلفة يأمل في أن يستفيد منها، فيشعر بالقلق، وهكذا يجد ذلك المتقاعد نفسه في ورطة لا يعرف كيفية الخروج منها.

مؤخرا أجرى معهد الإدارة العامة دراسة ميدانية على المتقاعدين تقاعداً مبكراً في الأجهزة الحكومية بمدينة الرياض، وكان عنوان الدراسة: (التقاعد المبكر في الأجهزة الحكومية والموظف المتقاعد)، وقد نشرت صحيفة سبق بعض تفاصيلها، والتي ركَّزت على معرفة أثر التقاعد المبكر على الموظفين المتقاعدين مبكراً، وقد أظهرت النتائج أن 83% من أفراد العينة لم يعملوا بعد سن التقاعد، وكانت أبرز أسباب التقاعد المبكر هي الحاجة للراحة، حاجة أسرة المتقاعد لمتابعة شؤونها والتفرغ لها، وعدم القدرة على مزاولة التجارة أثناء العمل الحكومي، ومن أهم الآثار التي ترتَّبت على الموظف الذي يتقاعد مبكراً، هو نجاحه في مشاريعه التجارية، وتحسُّن علاقته الأسرية مع زيادة مشكلاته الاجتماعية، وفي دراسة أخرى نشرتها (الاقتصادية) تفيد بأن 68% ممَّن شملتهم الدراسة من المتقاعدين، ليس لهم موارد مالية غير معاش التقاعد، وأن 80% أشاروا بأن أعباءهم المالية قد زادت بعد التقاعد، وأن 36% يجدون صعوبة في سداد المصروفات الأساسية من استهلاك للماء والكهرباء، و45% لا يسيتطيعون ذلك، كما يرى 71% من عينة البحث أن الدافع للعمل بعد التقاعد؛ هو أن معاش التقاعد لا يفي بمتطلبات الحياة.

خطوة التقاعد خطوة هامة للغاية وحساسة، ويجب عدم التسرع في القيام بها، بل لابد من التفكير فيها جيداً، والاستعداد لها، وبذل الجهد الكافي لكي يعيش الإنسان هذه الفترة كما هو مخطط لها، دون الدخول في صعوبات ومشكلات اجتماعية ومادية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store