Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

همسة: ابتعدوا عن هؤلاء الخمسة

الحبر الأصفر

A A
التُّرَاثُ العَربِي؛ زَاخِرٌ بتَعريف الصَّدَاقَة وشرُوط الصَّديق، ودَائِماً كَانُوا يُركِّزون عَلَى أَنْ يَكون صَادِقاً وأَمِيناً، وحَافِظاً للسِّرِّ، ومُخلِصاً فِي قَولهِ وفِعله، وكُلُّ هَذه الشّرُوط جيِّدة، ولَكنَّهَا لَا تَكفِي، فمَاذَا يُفيد إذَا كَان صَاحبك أَمِيناً، ولَكنَّه سَلبِي مُتشَائِم، ومَاذَا تَستَفيد مِن الصَّديق؛ إذَا كَان صَادِقاً ولَكنَّه كَثير الأَعذَار... إلخ. لِذَلِك حَاولتُ أَنْ أَبتَعِد عَن أَي صَديق؛ تَتوفَّر فِيهِ صِفة مِن هَذه الصِّفَات الخَمس، التي تُعيق العَمَل، وتَقف حَاجِزاً أَمَام تَطوير الذَّات، وتَنميتهَا..!

أَوّل هَؤلاء الخَمسَة الذين أَبتَعد عَنهم، هو الصَّديق السَّلبِي المُتشَائِم، لأنَّ التَّشَاؤم والسَّلبيَّة عَدوَى، مِثل الفَايروس الذي يَنتَقل مِن شَخصٍ إلَى شَخص، وإذَا صَادَقتَ السَّلبيين، أَصبَحتَ سَلبيًّا مِثلهم، وإذَا صَادَقتَ الإيجَابيين صِرتَ مِثلهم..!

أمَّا ثَانِي الأَصدقَاء الذين أَبتَعد عَنهم، هو الصَّديق المُسوِّف، «صَديق التَّأجيل»، الذي كُلَّما طَرَحتُ عَليه فِكرَة أَجّلهَا، وسَوَّف فِي تَنفيذهَا، قِائِلاً: «سَوف نَعملهَا فِي وَقتٍ لَاحِق»..!

وثَالِث الأَصدقَاء الذين أَبتَعد عَنهم، هو الصَّديق «كَثيرُ الأَعذَار»، الذي كُلَّما طَلبتُ مِنه شَيئاً، أَو اقتَرحتُ عَليهِ عَمل شَيء، بَدَأَ بصنَاعة الأَعذَار واختلَاقهَا أَحيَاناً، ومِثل هَذا الصَّديق، سيُعلِّمك -فِيمَا بَعد- صَنَاعة الأَعذَار، حَتَّى تُصبح -فِيمَا بَعد- ضَحيّة لَهَا..!

ورَابِع الأَصدقَاء الذين لَا أَقتَرب مِنهم، هو ذَلك الصَّديق الذي يُلقي باللَّوم عَلَى الآخَرين؛ فِي حَالة فَشله، لأنَّ مِثل هَذا الإنسَان، نَاقِص الأَهليَّة، ولَا يَملُك زمَام نَفسه، وإدَارة ذَاته، ولَا يَتحمَّل نَتَائج تَصرُّفَاته، لِذَلك إذَا صَاحبتَه، سَوف تَتأثَّر بِهِ، وتُصبح مِثله..!

وخَامِس هَؤلاء الذين أُغلِق بَابِي فِي وجُوههم، هو الصَّديق المُتذرِّع بضِيق الوَقت، ذَلِكَ الإنسَان الذي إذَا طَرحتَ عَليهِ تَنفيذ فِكرَة، أَو قِرَاءَة كِتَاب، اعتَذَر بضِيق الوَقت، قَائِلاً: «وَقتِي لَا يَسمَح». وخطُورة هَذا الصَّديق، أنَّه لَا يَعرف فَنّ إدَارة الوَقت، بَل يَعيش الفَوضَى، والفَوضَى مِن المُحتَمَل أَنْ تَنتَقلُ إليك، بشَكلٍ عَاجِل، لأنَّ القَرين بالمُقَارن يَقتَدي..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: إنَّني أُحَاول أَنْ أَتلَمَّس فِي أَصدِقَائي، جَوَانِب النَّجَاح التي يَملكُونهَا وأَقتَدي بِهَا، تِلك الجَوَانِب، التي تُعينَني وتُعينهم عَلَى الخَير والنَّجَاح، والتَّفوُّق والفَلَاح، مُستَذكراً دَائِماً قَول الشَّاعِر:

إِذَا كُنْتَ فِي قَوْمٍ فَصَاحِبْ خِيَارَهُمْ

ولا تَصْحَبِ الأَرْدَى فَتَرْدَى مَعَ الرَّدِي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store