Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

توزيع الحصص من قصار القصص

الحبر الأصفر

A A
التَّرشِيد؛ لَيس أَمْراً مَحمُوداً فَقَط للمِيَاه والكَهرَبَاء، بَل هو مَحمودٌ أَيضاً فِي النّصُوص والمُفردَات، لِذَا يُقْبِل القُرَّاء والقَارِئَات عَلَى قصَصي القَصيرَة.. وكَمَا أَنَّ تَرشِيد المَاء والكَهرَبَاء؛ يَزيدُ مِن إمكَانيّة وصُول خَدمَاتهمَا إلِى الفِئَات المَحرُومَة، فإنَّ تَرشِيد العِبَارَات يَجذبُ عُشَّاق القصَص القَصيرَة، ويَجعَل هَذه المِسَاحَة كَافيَة؛ لمِثل هَذه القصَص الوَافيَة:

* سَأَلَني صَديقٌ لِي: هَل الصَّوت الأَعلَى يُعتَبر الأَصحّ والأَصدَق؟، قُلت: لَا، والدَّليل أَنَّ العَربَة الفَارِغَة؛ أَكثَر صَوتاً وضَجيجاً مِن العَربَة المُمتَلِئَة..!

* ثُمَّ سَأَلني مَرَّةً أُخرَى: هَل الشّمُوخ يَدلُّ عَلَى العلوُّ؟، قُلت: لَا، لَيس كَذَلِك، ولَكَ أَنْ تَتأمَّل سَنَابِل القَمْح، ستَجد أَنَّ «السَّنَابِل المُمتَلِئَة» مُنحَنيَة وغَير شَامِخَة، بَينمَا «السَّنَابِل الفَارِغَة» شَامِخَة..!

* سَأَلَني: مَا آخِر مَا قَرأتَ لصَاحبك المُتألِّق «ميخائيل نعيمة»؟، قُلت: آخِر مَا قَرأتُ لَه؛ عِبَارة ذَهبيَّة تَقول: (يَوم يَفرُّ الإيمَانُ مِن نَفسِكَ، تَفرُّ نَفسُكَ مِنك، ويَوم يَكفُّ قَلبُكَ عَن العَطَاء، يَجفّ)..!

* سَأَلَني: مَا أَصعَب حَالَات النَّوم؟، قُلت: أَصعبهَا؛ أَنْ تَنَام مَع «الآمَال المُحطَّمَة»، و»الأَحلَام المَيِّتَة»..!

* سَأَلَني: هَل تَستَطيع أَنْ تَزعُم بأنَّكَ أَكثَر النَّاس حُبًّا لوَطنِك؟، قُلت: لَا تُوجِّه هَذا السُّؤَال لِي، بَل وَجِّهه إلَى «الدكاترة» زكي مبارك، فهو مَن قَال: (لَا أَحَد يُحبّ وَطنه كَمَا أُحبُّه أَنَا)..!

* سَأَلَني: كَيف تَحصل عَلَى رَزقِك؟، قُلت: الأَمْر بَبَسَاطَة؛ أَنَّني لَستُ مِن أَصحَاب الحِيَل، وقَد أَقسَم الله تَعَالَى فِي الحَديثِ القُدسِي، فقَال: (وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي لأَرْزُقَنَّ مَنْ لاَ حِيلَةَ لَهُ؛ حَتَّى يَتَحَيَّرَ أَصْحَابُ الحِيَلِ)..!

* سَأَلَني: هَل الجَودَة مَطلُوبَة فِي كُلِّ شَيء؟، قُلت: نَعم، الجَودَة مَطلُوبَة فِي كُلِّ الأَشيَاء، حَتَّى فِي البُكَاء، يَجب أَنْ تَبكِي بشَكلٍ جيِّد، أَي تَبكِي مِن القَلب..!

* سَأَلَني: لِمَاذا لَا يُمكن الجَمع بَين الحِكمَةِ والحُب؟، قُلت: لأنَّ أَهل الحِكمَة عُقلَاء، وأَهْل الحُب مَجَانين..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي أَنْ أَختِم بِمَا بَدأتُ بِه هَذه الكِتَابَة، وهو تَرشِيد المُفردَات، لِذَا لَن أُطيل فِي الخَاتِمَة، حَتَّى لَا أُصبِح كَمَن يَعظ الآخَرين، ويَنسَى نَفسه..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store