الجوال لم يعد فقط أداة للتحدث أو التواصل مع الجهات المختلفة ولم يعد فقط وسيلة لتقديم التطبيقات المختلفة ولم يعد أداة لإنجازالأعمال أو وسيلة للترفيه بل أصبح أيضاً أداة للرصد والمتابعة وخرق الخصوصية وتجميع البيانات الشخصية لمهام تجارية وتسويقية.
تقوم بعض الشركات والجهات التسويقية محلياً ودولياً بالاتصال ببعض المواطنين داخل المملكة لتعرض عليهم بعض الخدمات أو المنتجات أو العروض التسويقية أو الخصومات، كما تلجأ تلك الجهات أحياناً لإرسال رسائل تسويقية نصية، وفي كثير من الأحيان نتساءل: من أين حصل أمثال هؤلاء على رقم الهاتف الشخصي بل وكيف استطاعوا أن يحصلوا على بعض المعلومات التي لم تقم شخصياً بتزويدهم بها، فعلى سبيل المثال قد يعرف بعض أولئك المسوقين أنك تملك عقاراً في مكان ما أو سيارة من موديل معين أو مكان سكنك أو أنك ترتاد سوقاً معيناً أو سبق لك أن استفدت من خدمة وغيرها من المعلومات الشخصية.
التطبيقات الموجودة في الهاتف أصبحت اليوم من أهم الوسائل التي يمكن أن تساهم في تجميع المعلومات عن الأفراد ومعرفة موقعهم الجغرافي سواء وافقت على تفعيل تلك الخاصية أو لم توافق فالـ IP الخاص بأي جهاز يمكنه أيضاً تحديد موقعه، وأصبح تجميع المعلومات تجارة رائجة يقدر حجمها بمئات المليارات من الدولارات، وهناك شركات عالمية كبرى لم تحسن استخدام مثل تلك البيانات وتصرفت فيها بشكل غير صحيح مما عرضها للمقاضاة أمام المحاكم الدولية، ومع ذلك فهناك بعض الشركات التي كانت تعمل في مجالات تجارية مختلفة منذ عشرات السنين اكتشفت مؤخراً أن لديها كنزاً عظيماً لم تستثمره حتى الآن وهو بيانات الزبائن والمستهلكين والذي أصبح يعد ثروة مهمة يمكن أن يستفاد منها.
يفيد بعض المختصين بأن المواقع الـ 100 الأكثر زيارة يتابعها ما يزيد على 1300 شركة لتجميع المعلومات ويتقاسم بعضها هذه البيانات مع أطراف خارجية وتسمح كل تلك التقنيات للشركات باستخلاص معلومات مثل: ماهي اهتمامات المستخدمين؟، وعن ماذا يبحثون؟، والرمز البريدي للمنطقة التي يسكنون فيها؟ ، كما تساهم مثل هذه البيانات في تحديد معلومات شخصية للفرد مثل مستوى الدخل، وطبيعة السكن وعدد أفراد الأسرة وأعمارهم، كما تعد مثل تلك المعلومات مهمة أيضاً للمعلنين والمسوقين.
البيانات الشخصية التي يقوم الأفراد بإدخالها أحياناً لتفعيل خدمة أو الاشتراك في برنامج أو تنزيل تطبيق أو إصدار بطاقة معينة أوغيرها من التعاملات الإلكترونية المختلفة والتي يتخللها أحياناً قائمة طويلة جداً من الشروط والأنظمة والقوانين يأتي في نهايتها كلمة (موافق) ويقوم كثير منا بالموافقة دون قراءتها وقد يشمل بعضها حق تلك الجهات في بيع مثل تلك البيانات الشخصية والتي أصبح البعض يستغلها بشكل سلبي.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
