Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

مدارسنا: الصندوق الأسود للعنف!

A A
  • بغض النظر عن صحة ما يتم تداوله هذه الأيام عبر وسائل التواصل عن قضية تعنيف طفلة في المرحلة الابتدائية من قبل بعض أفراد أسرتها، فإن حالات إيذاء الأطفال في بعض المنازل آخذة في الازدياد بشكل مقلق.. صحيح أنها لم تصل بعد حد الظاهرة -ولله الحمد- لكن هذه الحالات التي تفزع المجتمع بين فينة وأخرى لا تشكل سوى قمة الجبل الجليدي المدفون خلف الأبواب المغلقة، فكم من قضايا التعنيف والإيذاء والتحرش اختفت تحت ذرائع الخصوصية الأسرية وخلف أبواب الغرف المغلقة.. قد يموت معظم هذه القضايا -أو قل إن شئت الجرائم- بحكم العادات والتقاليد ، لكن تأثيرها المدمر على شخصية الضحية يمتد لسنوات طويلة وربما العمر كله، مما يتطلب منا جميعاً المزيد من الجرأة والصدق في البحث عن هذه القضايا الخطيرة والتعامل معها.
  • من مكرور القول أن تعنيف الأطفال نفسياً أو جسدياً قضية تهدد مستقبل الكثير من الأطفال.. فإذا كان مستقبل الأوطان يحسب بقوة وصحة أجيالها الناشئة؛ فإن جرائم التعنيف تعتبر استنزافاً وهدراً وتهديداً لمستقبلها، ومن خلال خبرتي التربوية أستطيع القول إن المدارس هي الصندوق الأسود الكاشف لأسرار وخفايا هذه الجرائم؛ التي قد تخفى آثارها وتبعاتها على الكثيرين أحياناً، لكنها لا تخفى في الغالب على عين معلم مخلص، أو مرشد متابع، أو قائد مدرسة مهتم بأحوال طلابه ..من هذا المنطلق فإن مدارسنا تحوي ولاشك الكثير من القصص الحزينة والمؤلمة لأطفال فشلت المدرسة للأسف في إنقاذ معظمهم من العنف، ومن جهل بعض الآباء، إما بسبب البيروقراطية العتيدة في التعامل الكلاسيكي مع هذه القضايا الحساسة، أو بسبب ضعف التواصل بين المدرسة والجهات المسئولة عن حماية الأطفال!.
  • نحن مجتمع مسلم ولله الحمد، ونسب تعنيف الأطفال لدينا أقل بكثير من بعض المجتمعات الأخرى، قد يكون للمستوى المعيشي الجيد دور في هذا الأمر، لكن هذا لا يجب أن يمنعنا من المطالبة ببذل المزيد من الجهود في سبيل وقف هذه الجرائم، بدءاً بتقوية دور المدارس لحماية أبنائها، وتعزيز الصلات بينها وبين الجهات المسئولة التي أتمنى أن تقوم بزيارات دورية للمدارس لدراسة الصندوق الأسود لحالات الإيذاء والتعنيف، بالإضافة الى تثقيف الطلاب بحقوقهم وواجباتهم، وتعريفهم بالطريقة المثلى للتعامل مع العنف وكيفية الإبلاغ عنه.
  • أخيراً وبالنظر إلى أهمية هذه القضية وغيرها من القضايا المجتمعية والأسرية التي تحتاج للمزيد من العناية والاهتمام والمتابعة المستمرة فإنني أكرر الاقتراح الذي سبق وأن شاركني فيه الكثير من الزملاء كتاب الرأي بضرورة فصل الشئون الاجتماعية في وزارة مستقلة وإضافة مهام حماية الطفولة إليها . والله ثم الوطن من وراء القصد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store